واشنطن – وعد الرئيس التنفيذي لرائدة الذكاء الاصطناع “أوبن إيه آي”، سام ألتمان في منشور مدونة مطلع العام بان يكون 2025 عامًا كبيرًا لوكلاء الذكاء الاصطناعي، وهي أدوات يمكنها أتمتة المهام واتخاذ إجراءات نيابةً عن المستخدم.

الآن، نرى أول محاولة حقيقية من “أوبن إيه آي”.

أعلنت “أوبن إيه آي” الخميس عن إطلاق معاينة بحثية لـ “أوبيريتور”، وهو وكيل ذكاء اصطناعي عام يمكنه التحكم في متصفح ويب وأداء بعض الإجراءات بشكل مستقل.

وتأتي هذه الخطوة في وقت يتزايد فيه التنافس بين كبرى الشركات التقنية على تطوير “وكلاء الذكاء الاصطناعي”، وهي برامج مُصممة لأداء مهام محددة بنحو مستقل، ويمكن أن يتراوح نطاق هذه المهام بين المستوى البسيط، مثل الرد على الأسئلة، والمستوى المعقد، مثل التفاعل مع البيئة والتعلم واتخاذ القرارات.

ستتوفر “أوبيريتور” أولاً لمستخدمي خطة الاشتراك Pro بقيمة 200 دولار شهريًا في خدمة “شات جي بي تي” داخل الولايات المتحدة. وتخطط أوبن إيه آي لتوسيع هذه الميزة لاحقًا لتشمل المزيد من المستخدمين في فئات Plus وTeam وEnterprise.

قال سام ألتمان خلال بث مباشر الخميس: “‘أوبيريتور سيكون متاحًا في دول أخرى قريبًا”، لكنه أضاف: “للأسف، ستستغرق أوروبا وقتًا أطول.”

والمعاينة البحثية الأولية متاحة عبر operator.chatgpt.com، لكن أوبن إيه آي تقول إنها تخطط لدمج “أوبيريتور” في جميع عملاء “شات جي بي تي” قريبًا.

ويعد “أوبيريتور” بأتمتة المهام مثل حجز الإقامة أثناء السفر، وحجز المطاعم، والتسوق عبر الإنترنت. وتشمل واجهة المستخدم فئات مهام متعددة مثل التسوق، والتوصيل، وتناول الطعام، والسفر، مما يتيح أشكالًا مختلفة من الأتمتة.

عندما يقوم مستخدمو “شات جي بي تي” بتفعيل “أوبيريتور”، تظهر نافذة صغيرة تحتوي على متصفح ويب مخصص يستخدمه الوكيل لإتمام المهام، مع توضيح للإجراءات التي يقوم بها.

 ويمكن للمستخدمين استعادة التحكم أثناء عمل “أوبيريتور”، حيث يستخدم الوكيل متصفحًا مخصصًا. يعتمد “أوبيريتور” على نموذج وكيل استخدام الكمبيوتر (CUA) الذي يجمع بين قدرات الرؤية لنموذج GPT-4o وقدرات الاستدلال لنماذج أوبن إيه آي الأكثر تقدمًا. تم تدريب هذا النموذج على التفاعل مع الواجهة الأمامية للمواقع دون الحاجة إلى استخدام واجهات برمجية موجهة للمطورين.

بعبارة أخرى، يمكن لنموذج CUA استخدام الأزرار والتنقل في القوائم وملء النماذج على صفحة ويب مثلما يفعل الإنسان.

تتعاون أوبن إيه آي مع شركات مثل DoorDash وeBay وInstacart وPriceline وStubHub وUber لضمان التزام “أوبيريتور” باتفاقيات شروط الخدمة لتلك الشركات.

وتقول “أوبن إيه آي” في ردود كتابية على أسئلة “تم تدريب نموذج CUA على طلب تأكيد المستخدم قبل إنهاء المهام ذات التأثير الخارجي، مثل تقديم الطلبات أو إرسال رسائل البريد الإلكتروني، بحيث يتمكن المستخدم من التحقق من عمل النموذج قبل أن يصبح دائمًا.”

وأضافت: “النموذج أثبت فائدته بالفعل في مجموعة متنوعة من الحالات، ونسعى لتوسيع تلك الموثوقية لتشمل مجموعة أكبر من المهام.”

لكن أوبن إيه آي تحذر من أن CUA ليس مثاليًا. وتقول الشركة: “لا نتوقع أن يعمل CUA بشكل موثوق في جميع السيناريوهات في الوقت الحالي”.

وأضافت الشركة في وثيقة دعم: “حاليًا، لا يمكن لـ أوبيريتور التعامل بشكل موثوق مع العديد من المهام المعقدة أو المتخصصة، مثل إنشاء عروض تقديمية مفصلة أو إدارة أنظمة تقويم معقدة أو التفاعل مع واجهات ويب غير قياسية.”

كإجراء احترازي، تتطلب أوبن إيه آي الإشراف على بعض المهام، مثل المعاملات المصرفية. على سبيل المثال، سيحتاج المستخدمون إلى إدخال معلومات بطاقة الائتمان بأنفسهم. وتؤكد أوبن إيه آي أن أوبيريتور لا يجمع أي بيانات أو يلتقط لقطات شاشة.

تقول أوبن إيه آي: “في المواقع الحساسة بشكل خاص، مثل البريد الإلكتروني، يتطلب أوبيريتور إشرافًا نشطًا من المستخدم، لضمان أن يتمكن المستخدمون من اكتشاف أي أخطاء محتملة ومعالجتها مباشرةً.”

تحد هذه القيود من فائدة “أوبيريتور”، لكنها تضمن في الوقت ذاته عدم قيام الوكيل بتصرفات غير متوقعة مثل إنفاق أموال الرهن العقاري على كراسي للزينة. اتخذت غوغل نهجًا مشابهًا مع وكيلها Project Mariner AI، الذي لا يملأ معلومات حساسة مثل أرقام بطاقات الائتمان.

قيود مؤقتة؟

ولأوبيريتور بعض القيود الملحوظة.

هناك حدود على عدد المهام اليومية والمهام الفردية. تقول “أوبن إيه آي” إن “أوبيريتور” يمكنه تنفيذ مهام متعددة في وقت واحد، ولكن هناك “حدود ديناميكية” لذلك، مع إعادة تعيين إجمالي الاستخدام يوميًا.

في هذه المرحلة، سيرفض “أوبيريتور” تنفيذ بعض المهام لأسباب أمنية، مثل إرسال رسائل البريد الإلكتروني أو حذف أحداث التقويم، رغم قدرة النموذج على تنفيذ هذه المهام. وتخطط “أوبن إيه آي” لتغيير هذا مستقبلاً دون تحديد موعد لذلك.

زوقد يواجه “أوبيريتور” صعوبة في التعامل مع واجهات معقدة أو حقول كلمات المرور أو اختبارات CAPTCHA. في مثل هذه الحالات، سيطلب من المستخدم التدخل.

مستقبل الوكلاء

قدمت “أوبن إيه آي” مشروعها هذا بوتيرة أبطأ مقارنة بمنافسيها (مثل Rabbit وغوغل وAnthropic)، ربما بسبب المخاطر الأمنية المرتبطة بهذه التقنية.

فتح المجال لوكلاء ذكاء اصطناعي يمكنهم اتخاذ إجراءات على الإنترنت يثير مخاطر كبيرة، مثل إمكانية استخدامهم في هجمات تصيد احتيالي أو تعطيل الخدمات، أو شراء تذاكر الحفلات قبل المستخدمين الآخرين. لذا من المهم أن تتخذ “أوبن إيه آي” خطوات لمنع مثل هذه الاستغلالات.

تقول “أوبن إيه آي” إن “أوبيريتور” آمن بما يكفي للإصدار الحالي كمعاينة بحثية.

وأضافت “أوبن إيه آي”: “يستخدم أوبيريتور أدوات تهدف إلى تقليل تعرض النموذج للتعليمات الضارة ومحاولات التصيد.”

و”أوبيريتور” هو أجرأ محاولة حتى الآن من “أوبن إيه آي” لإنشاء وكيل ذكاء اصطناعي.

ولأسبوع الماضي، أطلقت “أوبن إيه آي” ميزة Tasks، التي أضافت بعض خصائص الأتمتة البسيطة لـ “شات جي بي تي” مثل القدرة على تعيين تذكيرات وجدولة الأوامر لتعمل في وقت معين يوميًا.

وفرت ميزة Tasks لمستخدمي “شات جي بي تي” ميزات مألوفة، لكنها ضرورية، لجعل “شات جي بي تي” عمليًا مثل Siri أو Alexa. مع ذلك، يظهر “أوبيريتور” قدرات غير مسبوقة لا يمكن أن تؤديها الجيل السابق من المساعدات الافتراضية.

وُصفت وكلاء الذكاء الاصطناعي بأنها الخطوة الكبيرة التالية بعد “شات جي بي تي”: تكنولوجيا جديدة ستغير طريقة استخدام الناس للإنترنت وأجهزتهم. بدلاً من مجرد معالجة المعلومات أو تقديمها، يمكن للوكلاء – نظريًا – اتخاذ إجراءات والقيام بالأعمال.

ومع إطلاق أول محاولة حقيقية من “أوبن إيه آي” للوكلاء، سيصبح قريبًا واضحًا مدى واقعية هذا التصور وحدوده التقنية.