دمشق – أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان الإثنين، بأن قوات عسكرية وصلت إلى مدينة الدريكيش في ريف طرطوس في الساحل، حيث “أطلقت النار بشكل عشوائي ورمت قنابل يدوية” على منازل مواطنين، في حين لا يزال أخالي المنطقة يعيشون في خوف من تجدد أعمال العنف واستهدافهم على أساس طائفي.

ووصلت هذه القوات وتجولت في المدينة السبت، وسط تكبيرات وهتافات إسلامية، كما وصلت تعزيزات كبيرة إلى الحواجز الأمنية عند جسر أرزونة في طرطوس.
 وتضم التعزيزات “نحو 50 سيارة تقل عددا كبيرا من المقاتلين”، بعضهم يرتدي “زياً جهاديا” لا يشبه الزي الخاص قوات الأمن العام ووزارة الدفاع، بحسب المرصد.

وانتشر قسم من العناصر على الحواجز في الشيخ سعد وجسر أرزونة، بينما توزع آخرون في المنازل المحيطة التي هجرها أهلها خوفا من عمليات انتقامية.

وأثار وصول التعزيزات تخوف الأهالي من شن عمليات أمنية انتقامية في المنطقة. واعتبر المصدر أن التجييش الطائفي في سوريا، يمثّل خطرًا حقيقياً على نسيج المجتمع وسلمه الأهلي، حيث يؤدي إلى تأجيج الانقسامات وفتح الباب أمام عمليات انتقامية مدمرة تعصف بالحياة المدنية.

وشهدت منطقة الساحل السوري على مدى أيام في مارس/آذار الجاري أعمال عنف اتهمت السلطات مسلحين موالين للرئيس المخلوع بشار الأسد بإشعالها عبر شن هجمات دامية على عناصرها.

وأرسلت السلطات تعزيزات عسكرية الى المناطق ذات الغالبية العلوية. وتحدث المرصد عن ارتكابها ومجموعات رديفة لها مجازر وعمليات “إعدام ميدانية”.

ووثق المرصد مقتل 1614 شخصا، نتيجة “عمليات تصفية” منذ اندلاع الهجمات ضد القوى الأمنية والعسكرية بين 6 و20 مارس/أذار الجاري. غالبيتهم الساحقة من الأقلية العلوية التي ينتمي اليها الاسد. ووقعت غالبية المجازر يومي 7 و8 آذار/مارس.

بالإضافة لوجود عدد كبير من المفقودين لا يعلم مصيرهم، وجثث قتلى في مستشفيات الساحل لم يتم استلامها من قبل ذويهم.

وتجمع شهادات سكان وناجين على ارتكاب مجازر في أحيائهم ومناطقهم حيث تمت تصفية رجال وشباب بإطلاق الرصاص عليهم من مسافة قريبة، بعد التأكد من كونهم علويين.

ودفعت أعمال العنف نحو 16 ألف شخص للفرار الى شمال لبنان، وفق السلطات، خصوصا الى القرى والبلدات ذات الغالبية العلوية.

ويطالب هؤلاء بـ”حماية دولية” تمكنهم من العودة الى مناطقهم والعيش بأمان تحت كنف السلطة التي كلفت بدورها لجنة تحقيق وتقصي حقائق، قالت إنها ستعكف على “جمع ومراجعة جميع الأدلة والتقارير المتاحة” عن الأحداث التي وقعت تحديدا في 6 و7 و8 آذار/مارس.

ويضاف هؤلاء الى قرابة 1.5 مليون لاجئ سوري في لبنان، قدموا تباعا على وقع المعارك في سوريا إثر اندلاع النزاع في العام 2011، وتطالب السلطات اللبنانية منذ سنوات بإعادتهم الى بلدهم.

 ونشر المرصد تقريرا أوليا عن “الإبادة الجماعية” في الساحل السوري الصادر عن لجنة المتابعة الإنسانية وحقوق الإنسان (سوريا).

وقال التقرير أنه إثر إعلان التعبئة العامة لقوات الجيش والأمن بدعوى ملاحقة فلول النظام التي أصدرها رئيس المرحلة الانتقالية أحمد الشرع، والنداءات التي خرجت من العديد من المساجد (للجهاد) وتداعي العديد من الفصائل المسلحة التابعة وغير التابعة للإدارة العسكرية الجديدة واستجابتها العشوائية للنداء توجهت إلى مختلف مناطق الساحل السوري وداهمت العديد من القرى والأحياء السكنية، ذات الأغلبية العلوية، حيث ارتكبت في الأيام الثلاثة الأولى 25 مجزرة جرى توثيقها.

وتم توثيق 811 فيديو والتحقق من أسماء 2246 ضحية، معظمهم من الشباب مع نسبة من كبار السن والأطفال والنساء على أساس انتمائهم للطائفة العلوية. وجرى توثيق 42 ضحية من طوائف أخرى نتيجةً لتعاطفهم ومحاولاتهم إخفاء المدنيين.

وأكد أن المنطقة تقف على شفا كارثة إنسانية غير مسبوقة بسبب الفقر (الذي تجاوز97 بالمئة من عدد السكان)، والاعتقالات غير القانونية والاختفاء القسري (أكثر من 10 آلاف حالة موثقة)، وتسريح موظفي الدولة من مختلف القطاعات (العسكرية والمدنية)، وتسريح 2014 شخصًا من قطاعي الصحة والتعليم.  والتعدي على الأملاك الخاصة، مع تزايد انتشار خطاب الكراهية والتحريض الطائفي، وتصاعد في حالة الخوف والرعب في عموم منطقة الساحل السوري.