فرانكفورت (ألمانيا) – طالبت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك السلطات السورية بضمان السلام والأمن لجميع السوريين، بعد أسبوعين على مواجهات عنيفة في الساحل السوري أودت بحياة 1500 مدني على الأقل، وتسببت باهتزاز ثقة الغرب في الحكومة التي تسعى جاهدة لتحسين صورتها وتقديم ضمانات لعودة أمنة للاجئين.   

وقالت بيربوك قبيل زيارة مرتقبة إلى دمشق إن أعمال العنف قوّضت الثقة في السلطات السورية، وأفادت في بيان “يخشى العديد منهم (السوريون) من أن الحياة في سوريا المستقبلية لن تكون آمنة بالنسبة إلى جميع السوريين”، مضيفة أن “موجات العنف المروعة قبل أسبوعين كلّفت قدرا هائلا من الثقة”.

ومن المرجح أن يؤدي استمرار التوتر الأمني ومخاوف الأقليات خصوصا من العنف الطائفي أو الانتهاكات إلى موجة لجوء أخرى وهو ما تسعى الدول الأوروبية لتلافيه.

وتلمح الوزيرة أيضا إلى أن تردي الوضع الأمني وتهديد الأقليات خصوصا سيكون عائقا كبيرا أمام إعادة اللاجئين، وقد أفادت وسائل إعلام ألمانية بأن وزارة الداخلية تسعى للتفاوض مع السلطات السورية الجديدة لإعادة مئات الآلاف من اللاجئين السوريين المقيمين في ألمانيا إلى وطنهم.

وكشفت صحيفة “بيلد” الألمانية أن وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر تسعى لعقد اتفاق مع الرئيس السوري أحمد الشرع بشأن عودة اللاجئين السوريين. وتشير التقارير إلى أن الحكومة الألمانية تخطط لزيارة إلى دمشق.

وقال متحدث باسم وزارة الداخلية الألمانية إنّ “وزارة الداخلية الفيدرالية على اتصال بالحكومة الانتقالية السورية، بما في ذلك مناقشة قضايا عودة اللاجئين السوريين في ألمانيا”، ومع ذلك، لم يتم الإعلان عن أي خطط سفر محددة حتى الآن. ألمانيا تعليق اتخاذ قرارات بشأن طلبات اللجوء العائدة لمواطني سوريا بشكل مؤقت.
ودعت بيربوك الحكومة السورية الانتقالية التي تولت السلطة بعدما فر الرئيس السابق بشار الأسد من البلاد في ديسمبر/كانون الأول إلى ضمان سيطرتها على “المجموعات ضمن صفوفها”.

وأضافت أن عليها محاكمة المسؤولين عن العنف وضمان السلام والازدهار في كل أنحاء سوريا التي شهدت حربا أهلية استمرت 14 عاما. وقالت “هذه هي المهمة الضخمة التي تواجه الحكومة الانتقالية السورية في عهد أحمد الشرع”.

وفي الأيام التي تلت السادس من آذار/مارس، شهدت منطقة الساحل السوري أسوأ موجة عنف منذ سقوط الأسد.

وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، قتلت القوات الأمنية ومجموعات رديفة لها أكثر من 1500 مدني غالبيتهم الساحقة من الأقلية العلوية التي ينتمي اليها الاسد.

وأكدت بيربوك أنها ستستغل زيارتها للتوضيح للحكومة السورية أن قلب “صفحة جديدة” في العلاقة بين أوروبا وألمانيا من جهة، وسوريا من جهة أخرى، مشروط بتمتع جميع السوريين بالحرية والأمن بغض النظر عن المعتقد والنوع الاجتماعي والعرقية.

وفي وقت سابق، قالت وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر إن بعض السوريين الذين فروا إلى ألمانيا ربما سيتعين عليهم العودة إلى وطنهم في ظل ظروف معينة.

وذكرت صحيفة “بيلد” أنه “وفقا للبيانات، تتناول المفاوضات بشكل عام 974 ألف مواطن سوري موجودين في ألمانيا. كما أن العودة الجماعية ستؤثر بشكل كبير على الصناديق الاجتماعية. حيث يتلقى 512 ألف سوري إعانات تصل قيمتها إلى حوالي 4 مليارات يورو سنويا. وفي المتوسط، يبلغ ذلك 664 يورو شهريا للفرد”.

ومنذ ديسمبر/كانون الأول الماضي، تعمل وزارة الداخلية بالتعاون مع المكتب الفيدرالي للهجرة على إيجاد طرق عملية لتسريع عودة السوريين إلى وطنهم. وتتم دراسة إمكانية السماح للسوريين بالسفر إلى سوريا في رحلة استكشافية للتعرف على الوضع الحالي هناك، دون أن يؤدي ذلك إلى فقدان وضعهم كلاجئين في ألمانيا. وتتم مناقشة إجراء استثنائي يسمح بهذه الرحلة لمرة واحدة فقط.

وأعلنت بيربوك الاثنين الماضي أن ألمانيا تتعهد بتقديم مساعدات للسوريين بقيمة 300 مليون يورو إضافية (326 مليون دولار)، وذلك قبيل مؤتمر المانحين الذي عقد بقيادة الاتحاد الأوروبي في بروكسل.

وقالت الوزيرة الألمانية في بروكسل، “ستوفر ألمانيا للأمم المتحدة ومجموعة من المنظمات، 300 مليون يورو إضافي في إطار هذه العملية السلمية ومن أجل الشعب السوري وشعوب المنطقة”.

وأضافت بيربوك أن أكثر من نصف هذه الأموال سيستفيد منها الشعب السوري وسيتم تنفيذها دون مشاركة الحكومة الانتقالية في البلاد.

وذكرت وزارة الخارجية الألمانية أن التمويل سيخصص لتوفير الغذاء والخدمات الصحية وملاجئ الطوارئ، بالإضافة إلى تدابير الحماية للفئات الأكثر ضعفا. وقالت الوزارة إن اللاجئين السوريين والمجتمعات المستضيفة في الأردن ولبنان والعراق وتركيا سيتلقون الدعم أيضا.