باريس – تُدخل سيلين لالمان إبرة طويلة في الجمجمة ثم تخرجها، لتبدأ بمهمة زرع شعر لدمية على شكل طفل عمره ثلاثة أشهر تستغرق أياما عدة، في أحدث ابتكار تنجزه شركة “سينيه بيبيه” (Cinebebe).

وتمثل هذه الشركة منذ العام 2023 إحدى الشركات الوحيدة في العالم المتخصصة في تصنيع دمى من السيليكون تمثل أطفالا على نحو قريب جدا من الواقع، لتُستخدم في الأفلام والمسلسلات.

وتوضح لالمان وهي تزرع الشعر في رأس الدمية إنه “موهير من ماعز أنغورا، وهو أرقّ من شعر البالغين، لذا يشبه كثيرا شعر الأطفال”. ترصد فجأة خطأ ما، وتقول “هناك شعرتان في ثقب واحد، وهذا ليس جيدا”، ثم تأخذ ملقطا وتسحب إحدى الشعرتين.

وأحدث دمية ابتكرتها “سينيه بيبيه” التي تأسست عام 2008 ويقع مقرها في سان دوني في ضواحي باريس، مُخصصة لعمل سيُصوَّر في إنكلترا في غضون أيام قليلة، وفق جوستين راي لو سولييك، المشاركة في إدارة هذه الورشة للمؤثرات الخاصة مع جولي بارير.

وشكل هذه الدمية المشابه جدا لطفل فعلي مدهش، إذ أن خدّيها أحمران وتبرز أوردة صغيرة تحت جفنيها وطيّات ومسامات في بشرتها.

وتشير جوستين إلى أنّ “تكلفة استئجار دمية ليوم واحد من التصوير تبلغ 700 يورو، فيما يراوح سعرها في حال الرغبة في شرائها ما بين 9 و15 ألف يورو، اعتمادا على الوقت الذي استغرقه ابتكارها والذي قد يصل إلى شهر ونصف شهر”.

ومن الأطفال المبتسرين بعمر 26 أسبوعا إلى الصغار بعمر 18 شهرا، تتوفر نحو خمسين دمية للتأجير، بحسب احتياجات التصوير، من فيلم “ذي كاونت اوف مونته كريستو”، وصولا إلى مسلسل “إميلي إن باريس”، ومرورا بـ”تيتان” و”ذي بود جنرايشن”.

وبالاستناد إلى صور، ابتكر الفريق رأسا منحوتا لرضيع لإنشاء قوالب تُصنّع فيها نسخ من السيليكون.

وتقول جوستين “في فرنسا، يحظر القانون استخدام طفل رضيع يقل عمره عن ثلاثة أشهر لتصوير الأفلام والمسلسلات. أما بين ثلاثة أشهر وثلاث سنوات، فيقتصر الوقت المسموح به للاستعانة بالطفل على ساعة واحدة يوميا، وهو ما قد يكون معقدا عندما تكون ثمة مشاهد كثيرة مع الطفل”.

وقد شهد نشاط الشركة تسارعا منذ الحجر الصحي عامي 2020 و2021 بسبب جائحة كوفيد-19. وتقول جوستين “لقد ساعدنا ذلك إذ لم يكن من الممكن إحضار أي أطفال إلى مواقع التصوير خلال تلك الفترة”.

وشهدت إيرادات الشركة خلال مرحلة ما بعد الجائحة ارتفاعا كل عام، مع “تباطؤ طفيف” في العام 2024 مقارنة بسنة 2023، فيما أتى النمو بنسبة 35 في المئة، بحسب المديرة التي ترغب في افتتاح موقع في لندن عام 2025 لتطوير الشركة على المستوى العالمي.

وتضيف “ابتكرنا خلال السنوات الأخيرة نحو مئة منتج سنويا في فرنسا وأوروبا، لكننا نمضي وقتا إضافيا في كل مشروع بسبب الأنشطة الاستشارية، وهذا يعني ارتفاعا في الإيرادات”.

وبالإضافة إلى الأطفال وبطون وصدور النساء الحوامل والمشيمة والأجنّة والحبال السرية، توفر “سينيه بيبيه” أحواض نساء من السيليكون لتصوير مشاهد للولادات، فضلا عن نصائح عند كتابة الفيلم ومساعدة للممثلين في مواقع التصوير حتى يكون المشهد قريبا من الواقع قدر الإمكان.

وتقول جوستين “نعمل مع الأوساط الطبية التي تقدم لنا النصائح، لاسيما مع جمعية “نيو سانس” (Neo’Sens) المتخصصة في الأطفال المبتسرين”، مشيرة إلى أن هدف الشركة لعام 2025 يتمثل بابتكار دمى أطفال عيونها مفتوحة، ما يمثل تحديا من ناحية الواقعية، وأخرى أكبر حجما.