طرابلس – طالب عضو مجلس النواب الليبي جلال الشويهدي بإعادة فرض الضريبة على بيع العملة الأجنبية، مشيرًا إلى أن إلغائها لم يكن سوى محاولة لـ”تخدير الشارع” دون تقديم بدائل حقيقية لحل أزمة سعر الصرف، وسط خلاف متصاعد حول السياسة النقدية في ليبيا.

وأعتبر الشويهدي أن زيادة هذه الضريبة إلى 30 بالمئة قد تكون حلاً فعالاً لمواجهة الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد، مضيفا أنها “ضرورة اقتصادية” لا يمكن الاستغناء عنها، فيما أكد أن محافظ مصرف ليبيا المركزي ناجي عيسى كان أحد الداعمين الرئيسيين لفرض هذه الضريبة في السابق، مشيراً إلى أن تصريحاته الأخيرة حول إلغائها جاءت بالتنسيق مع رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة.

ومنذ تولي عيسى مهامه كمحافظ للمصرف المركزي، اتجه إلى رفع أو تخفيف القيود على تداول العملات الأجنبية كوسيلة للتحكم في سعر صرف الدينار الليبي، حيث قرر خفض الضريبة المفروضة على بيع العملات الأجنبية من 27 بالمئة إلى 20 بالمئة ثم لاحقا إلى 15 بالمئة، فيما وعد بإلغائها كليا مع نهاية العام 2024.

 وكان مدير إدارة الرقابة على النقد بالمركزي الليبي، قد أعلن مؤخرا استمرار العمل بالضريبة عند نسبة 15 بالمئة إلى حين إشعار آخر، على الرغم من تأكيد إدارة البنك في أول اجتماع لها على اعتماد استراتيجية قصيرة المدى من بين أهدافها ضبط سعر الصرف.

وأوضح النائب أن فرض الضريبة لم يكن قراراً من مجلس النواب، بل جاء بناءً على طلب من المحافظ السابق للبنك المركزي الصديق الكبير وبعد استشارة مع ناجي عيسى، الذي كان يشغل آنذاك منصب مدير إدارة الرقابة على النقد والمصارف، مشيرا إلى أن المشكلة الاقتصادية في ليبيا لا تقتصر فقط على عدم تحويل إيرادات النفط بشكل منتظم، بل تشمل أيضاً الزيادة الكبيرة في الإنفاق الحكومي، مما يفاقم الأزمة المالية.

وكان مجلس النواب الليبي قد أصدر قرارا بخفض قيمة الرسم المفروض على سعر العملات الأجنبية بنسبة 7 في المئة بعد أن قرر مطلع مارس/آذار من العام 2024 فرض ضريبة بقيمة 27 بالمئة إبان فترة المحافظ السابق الصديق الكبير، وبدأ المصرف المركزي العمل بهذا القرار، وهو ما رفضه المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الدبيبة، اللذان طالبا بتنفيذ أحكام القضاء وإلغاء هذه الضريبة نهائيا.

ودعا الشويهدي إلى جانب مجموعة من أعضاء البرلمان إلى استدعاء محافظ مصرف ليبيا المركزي لتوضيح تفاصيل الوضع المالي الحالي وما يمكن توقعه على الصعيد الاقتصادي في الفترة المقبلة، مشددا على أهمية تحقيق الشفافية في إدارة الموارد المالية للبلاد، مؤكداً أن زيادة الإنفاق دون ضوابط يزيد من تفاقم الأزمة.

وأعلن مصرف ليبيا المركزي عن طباعة قرابة 15 مليار دينار ليبي من فئات 5 و10، و20 دينار، حيث بدأت هذه الأوراق النقدية الجديدة تصل إلى الأسواق لمعالجة مشكلة نقص السيولة، في خطوة تمهيدية لسحب ورقة الـ50 دينار، والتي تقدر قيمتها بحوالي 13 مليار دينار في الموعد المحدد لها بنهاية أبريل/نيسان المقبل دون أي تمديد.

ووفق المركزي الليبي، تأتي هذه الإجراءات في إطار جهود المؤسسة لتحسين السيولة النقدية في الأسواق، وتسهيل التعاملات اليومية للمواطنين، مع ضمان استقرار الوضع الاقتصادي.

ويحذّر مراقبون من تداعيات غياب الانضباط المالي في ظل الإنفاق غير المنظم من الحكومتين في الشرق والغرب، مؤكدين أن الوضع الحالي يحمل مؤشرات خطيرة من شأنها أن تهدد قيمة العملة الوطنية، لا سيما وسط تراجع أسعار النفط عالميًا.

وحسب تقارير إعلامية، أكد نائب رئيس لجنة التخطيط والمالية بمجلس النواب المهدي الأعور أن المصرف المركزي يواجه خيارات محدودة للتعامل مع هذه الأزمة، إذ لا يوجد أمامه سوى خيارين رئيسيين إما الإنفاق من الاحتياطيات النقدية، وهو ما ينطوي على مخاطر اقتصادية كبيرة، أو تعديل سعر الصرف الرسمي للدينار الليبي، محذّرا من استمرار الإنفاق غير المبرر الذي قد يؤدي إلى استنزاف الاحتياطيات النقدية، مما يهدد الاستقرار المالي للدولة على المدى الطويل.

وأشار إلى أن الدولة الليبية تعتمد بشكل كامل على عائدات النفط كمصدر وحيد للدخل، وهو ما يجعلها عرضة للتقلبات الحادة في الأسواق العالمية. ومع تراجع أسعار النفط، تزداد الضغوط المالية على الدولة، مما يفرض ضرورة تبني سياسات اقتصادية أكثر انضباطًا للحد من تداعيات الأزمة.