تونس – هزت فضيحة تجاوز مالي قطاع زيت الزيتون في تونس ما عمق أزمة هذا القطاع الذي مثل ركيزة للفلاحة وخاصة في مجال التصدير.
وتحدث مجلة “جون أفريك” عن عملية احتيال ضخمة بقيمة 170 مليون يورو تورط فيها رجل الاعمال عادل بن رمضان رئيس مجموعة “شو” وهي أكبر مصدر لزيت الزيتون التونسي.
وتأسست المجموعة عام 1996 حيث تتخذ من صفاقس مقراً لها وهي تتعامل مع نحو 200 منتج صغير ومتوسط ما يخول لها الحصول على مكانة هامة في القطاع الحيوي.
وكشفت المجلة أن عملية الاحتيال تمثل في بيع زيت الزيتون بأسعار أقل من السوق “حيث باع بن رمضان اللتر بـ 2.80 يورو، في حين كان السعر الرسمي 3.40 يورو”.
وأشارت الى أن هذا التجاوز “أحدث اضطراباً واسعاً وأضر بالمنتجين الذين يواجهون أصلاً ارتفاعاً في تكاليف الإنتاج”.
ونتج عن هذه العملية كذلك الاضرار بمنافسة زيت الزيتون التونسي للزيت في اسبانيا وإيطاليا وذلك في ظل “في ظل غياب علامات الجودة التي تمنح قيمة مضافة للمنتج التونسي” وهو ما يجعله قادرا على تحقيق مبيعات هامة في الفضاء الأوروبي.
وتضرب عمليات الاحتيال الثقة في نظام المراقبة التونسي، وهذا ما يضر بسمعة المنتجات التونسية كافة.

وقد تضررت العديد من الشركات والبنوك من هذه العملية وعجرت عن تحصيل مستحقاتها ما تسبب في تفاقم الأزمة، خاصة مع تراجع أسعار زيت الزيتون بشكل كبير مما يضر بالفلاح كذلك.
وعبر الكثير من منتجي زيت الزيتون عن غضبهم من تراجع الأسعار بشكل كبير وهو ما جعل عددا منهم يعبرون عن احتجاجاتهم بسكب كميات منه في الطرق بعد أن تجاوز التكاليف المرابيح.
ويمثل قطاع زيت الزيتون ركيزة أساسية للقطاع الفلاحي في تونس خاصة وان البلاد رابع أكبر مصدر لزيت الزيتون عالمياَ فيما توفر موارد بأكثر من مليار يورو سنويا.

وكانت تونس قد أصدرت خلال العامين الماضيين قرارات تتعلق بتنظيم تصدير زيت الزيتون بهدف تثمين قيمته والحفاظ على سمعته، حيث منح قرار رئاسي أولوية التصدير للزيت المعلب البيولوجي وهو ما يقلل من تصدير الزيت السائب الذي يباع بسعر أقل. وكان سعيد قد أمر في 2023 بضخ ربع الاستهلاك الوطني في السوق من الإنتاج المتأتي من مزارع تابعة للدولة بسعر 15 دينارا (4.77 دولار) وبجودة عالية.
وكان الرئيس التونسي سعيد قد زار قبل اسهر هنشير (ضيعة) الشعال التابع للدولة والذي يعتبر أحد أكبر ضيعات الزيتون في العالم بنحو 400 ألف شجرة، كاشفا عن ملف فساد مالي وإداري كبير في إدارة المركب الفلاحي.
وأوقفت السلطات التونسية مسؤولين حكوميين على علاقة بالقضية من بينهم وزير سابق ورجال أعمال، وجرى توجيه اتهامات تتعلق بشبهات غسيل أموال وإساءة استخدام السلطة. ويعتبر ملف الفساد هذا واحدا من أكبر ملفات الفساد المتعلقة باهدار ونهب المال العام، في الوقت الذي تعاني فيه تونس من أزمة اقتصادية متراكمة.
وتتحدث العديد من التقارير عن ازمة كبيرة قادمة خاصة وأن هنالك توقعات بإنتاج 340 ألف طن خلال الموسم الحالي بينما تكدس الإنتاج في المعاصر مع غياب السيولة ومطالبة الفلاحين للدولة بالتدخل العاجل.
ويزيد الوضع سوءا احتجاج عدد من الفلاحين الايطاليين الذين دعوا حكومة بلادهم للتخلي عن توريد زيت الزيتون التونسي.
وشهد ميناء تشيفيتافيكيا الإيطالي احتجاجات واسعة من مزارعي الزيتون الإيطاليين، الذين تجمعوا بالآلاف على رصيف الميناء، بينما أحاطت عشرات الزوارق المطاطية بسفينة محملة بزيت الزيتون التونسي البكر الممتاز فور وصولها.
وجاءت المظاهرة، التي نظمتها جمعية “كولديريتي” الزراعية، احتجاجاً على الزيادة الكبيرة في واردات الزيت من خارج الاتحاد الأوروبي، والتي بلغت 65 مليون لتر في عام 2024.
وأكد المزارعون الايطاليون أن هذه الواردات تشكل تهديداً مباشراً لقطاعهم، حيث تسببت في انهيار أسعار زيت الزيتون الإيطالي البكر مما أجبرهم على البيع بأسعار لا تغطي حتى تكاليف الإنتاج.