أربيل – أعلنت وزارة المالية في حكومة إقليم كردستان الأربعاء، إيقاف التعيينات بمختلف أشكالها وتجميد المخصصات الإضافية والمكافآت، ضمن إطار “توحيد الإجراءات المالية” بين حكومتي أربيل وبغداد.

وتُعتبر العلاقة المتوترة بين أربيل وبغداد أحد الأسباب الرئيسية وراء الأزمة المالية. فمنذ سنوات يدور الخلاف حول حصة الإقليم من الموازنة العامة، والتي غالبًا ما يتم تأخير إرسالها أو تخفيضها بسبب عدم الاتفاق على ملفات مثل تصدير النفط من كردستان بشكل مستقل عن الحكومة الاتحادية.

وذكرت الوزارة في بيان أن “هذه التوجيهات جاءت استناداً إلى قرارات اجتماع مجلس الوزراء المنعقد في الخامس من الشهر الجاري، والذي ناقش سبل إدارة الموارد المالية في ظل عدم إقرار الموازنة العراقية الجديدة حتى الآن”.

وأدى تضخم القطاع العام وارتفاع عدد الموظفين الحكوميين مقارنة بالإيرادات المتاحة أدى إلى عبء مالي كبير على خزينة الإقليم. وتعتمد نسبة كبيرة من السكان على الرواتب الحكومية، ما يجعل الأزمة أكثر تأثيرًا على الحياة المعيشية.

وبحسب البيان، فقد ألزمت الحكومة وزاراتها بقائمة الرواتب الخاصة بشهر كانون الثاني/ يناير 2025، واعتمادها كأساس للصرف، مع وقف جميع التعيينات الجديدة بمختلف أشكالها، سواء الدائمة أو العقود أو المؤقتة أو تلك التي تعتمد على الإيرادات المحلية أو التعويضات.

وشملت التوجيهات، وقف منح المخصصات الإضافية والمكافآت للموظفين كافة، مع الالتزام فقط بالمبالغ المحددة في كشوفات الرواتب لشهر كانون الأول/ ديسمبر 2024.

كما قررت الحكومة، حظر نقل الموظفين بين الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة، ووقف احتساب سنوات الخدمة لأغراض التقاعد في الوقت الحالي، وذلك ضمن إجراءات التقشف وضبط الإنفاق العام.

وتأتي هذه القرارات في سياق الأزمة المالية التي تواجهها حكومة إقليم كردستان نتيجة تأخر إقرار الموازنة العراقية لعام 2025، كما سبق أن شهد الإقليم تحديات مماثلة في السنوات الماضية، حيث لجأت الحكومة إلى اتخاذ تدابير تقشفية وإعادة تنظيم الإنفاق المالي.

وجاءت هذه الإجراءات في ظل استمرار المفاوضات بين حكومة الإقليم والحكومة الاتحادية بشأن حصة كردستان من الموازنة العامة وآلية توزيع الإيرادات.

ونتج عن هذه المعضلة أزمة رواتب في كردستان التي تعتبر واحدة من القضايا الاقتصادية والسياسية الأكثر تعقيدًا، حيث أثَّرت بشكل مباشر على حياة الموظفين الحكوميين وسكان الإقليم. وهذه الأزمة تمتد جذورها لسنوات عدة بسبب عوامل متعددة، منها الخلافات السياسية مع الحكومة المركزية، والأوضاع الاقتصادية، وتراجع الإيرادات النفطية.

ويعتمد اقتصاد إقليم كردستان بشكل أساسي على النفط، ومع تذبذب أسعار النفط عالميًا، تأثرت الإيرادات بشكل مباشر. كما أن سياسات تصدير النفط وعدم التوصل إلى اتفاق مستدام مع بغداد زادت من تعقيد الوضع المالي.

وشهد الإقليم موجات من الاحتجاجات والإضرابات من قبل الموظفين الحكوميين، خاصة المعلمين وموظفي القطاع الصحي، مطالبين برواتبهم المتأخرة وتحسين الأوضاع الاقتصادية.

وفي وقتٍ سابق، أقرّ البرلمان العراقي تعديلاً في الموازنة العامة من شأنه أن يسوّي الخلاف بين إقليم كردستان والحكومة الاتحادية في بغداد حول تسلّم نفط الإقليم، ويسهّل استئناف تصدير هذا النفط المتوقف منذ نحو سنتين.

وينص التعديل على دفع “تعويض” لحكومة إقليم كردستان عن كلفة إنتاج ونقل النفط الى الحكومة الاتحادية، وفق ما جاء في نص التعديل.

وأكد عضو اللجنة المالية في مجلس النواب العراقي مصطفى الكرعاوي الأحد، أن تعديلات قانون الموازنة الاتحادية ستدخل حيّز التنفيذ قريباً.

وذكر الكرعاوي في تصريح للوكالة الرسمية العراقية للأنباء، أن “التعديلات التي أُرسلت من رئاسة الوزراء ومجلس الوزراء اقتصرت على المادة (12) المتعلقة بكلفة استخراج النفط في إقليم كردستان”.

وأشار إلى أن “المادة المعدلة يفترض أن تدخل حيز التنفيذ قريباً، ما يتيح المباشرة بتصدير النفط من آبار الإقليم عبر شركة (سومو)”. 

وبيّن أنه “وفقاً للتعديلات الأخيرة، لا يوجد أي تغيير جوهري في قانون الموازنة، كما لم تُدرج أي تعيينات جديدة، إلا أنه من الممكن للحكومة أن تتحرك ضمن جداول الموازنة لإعادة تفعيل بعض التخصصات والنصوص السابقة”.