لندن – حصل الجيش السوداني في الفترة الأخيرة على شحنة أسلحة إيرانية جديدة، وفق تقرير استخباراتي وبيانات ‘فلايت رادار 24’ وتقارير إعلامية متطابقة، في أحدث عملية دعم عسكري تشير في مجملها لتورط طهران في الصراع الدائر، بينما يثير التقارب العسكري بين البلدين مخاوف من أن يؤدي ذلك إلى زيادة النفوذ الإيراني في السودان على المدى الطويل واحتمال تحوله (السودان) إلى ساحة مفتوحة لأنشطة إيرانية مزعزعة للاستقرار.

وتؤكد التطورات الميدانية أن الجيش السوداني ما كان ليحقق مكاسب ميدانية كبيرة في الأشهر الأخيرة ضد قوات الدعم السريع لولا حصوله على دعم عسكري إيراني يشمل طائرات مسيرة وصواريخ إضافة الى دعم استخباراتي توفره طهران.

وكشف التقرير الاستخباراتي أن الحرس الثوري الإيراني أرسل شحنة أسلحة إلى السودان، وفق موقع ‘إيران إنترناشيونال’ المعارض الناطق بالعربية الذي أوضح أن طائرة شحن من طراز بوينغ 747 برمز تابعة لشركة ‘فارس إير قشم’، المعروفة بأنها خاضعة لعقوبات دولية، قامت في 17 مارس/اذار الماضي بمهمة سرية إلى بورتسودان.

وبحسب المصدر ذاته شملت شحنة الأسلحة طائرات مسيرة من طراز ‘مهاجر 6’ و’أبابيل 3’، إضافة إلى صواريخ مضادة للدروع، بينما أظهرت بيانات ‘فلايت رادار 24’ أن الطائرة نفذت رحلتها إلى بورتسودان وعادت إلى طهران في اليوم نفسه.

وتؤكد تقارير متطابقة أن هذه العملية لم تكن الأولى التي تنفذها إيران منذ تعزيز العلاقات مع حكومة بورتسودان في نهاية العام 2023، حيث أظهرت صور بالأقمار الصناعية استخدام القوات السودانية طائرات مسيرة إيرانية في الحرب الأهلية كما تم رصد صواريخ ‘صاعقة 2’ في معسكرات للجيش السوداني.

وتجمع كل المؤشرات على أن التدخل الإيراني دعما لقوات الفريق عبدالفتاح البرهان، كان حاسما في تغيير موازين القوى لصالح الجيش السوداني في مواجهة قوات الدعم السريع.

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2023، أعلن السودان وإيران استئناف العلاقات الدبلوماسية. وفي خضم الصراع المسلح الدائر منذ أبريل/نيسان 2023، بدأت تظهر تقارير عن دعم عسكري إيراني للجيش السوداني.

وأفادت تقارير عديدة بتزويد إيران للقوات السودانية بطائرات مُسيرة بما في ذلك طائرات ‘أبابيل 3′ للاستطلاع و’مهاجر 6’ القادرة على حمل قنابل. وقد لعبت هذه الطائرات دورا في قلب موازين القتال لصالح الجيش السوداني في عدة مناطق.

كما أشارت بعض التقارير إلى أن إيران تقدم للجيش السوداني صورا للأقمار الصناعية ومعلومات ميدانية وأنها ساعدت في تجنيد وتدريب جنود جدد.

ويواجه الجيش السوداني صعوبات في الحصول على الإمدادات العسكرية في ظل الحرب الأهلية ويسعى لتعويض خسائره من خلال التعاون مع طهران التي تسعى إلى توسيع نفوذها في منطقة البحر الأحمر والقرن الأفريقي، بينما يمثل السودان بالنسبة لها موقعا استراتيجيا هاما لتحقيق هذه الأهداف.

ويُنظر إلى الدعم الإيراني للجيش السوداني في سياق تنافس إقليمي مع دول أخرى مثل السعودية، بينما تطمح إيران إلى إنشاء قاعدة بحرية في السودان مقابل دعمها العسكري.

وبينما يؤكد الجيش السوداني على حاجته للدعم العسكري في ظل الحرب الدائرة مع قوات الدعم السريع، فإنه ينفي صحة التقارير المتعلقة بعروض إيرانية لإقامة قواعد عسكرية. ويبدو أن السودان يسعى للاستفادة من الدعم الإيراني دون التورط في تحالف استراتيجي كامل قد يضر بعلاقاته مع دول أخرى خاصة السعودية.

كما تخشى سلطة الأمر الواقع بقيادة البرهان من التعرض لعقوبات أميركية قاسية في حال بناء أي تحالف استراتيجي مع إيران، لذلك تحرص على أن لا تتورط بشكل مباشر أو تفتح الباب لتواجد عسكري إيراني على البحر الأحمر عبر الموافقة على انشاء قاعدة بحرية.

وسبق للولايات المتحدة أن أعربت عن قلقها بشأن الدعم العسكري الإيراني للسودان وتأثيره على جهود السلام، وسط تحذيرات من مغبة الاستمرار في التعاون مع الحرس الثوري واستمرار تدفق شحنات الأسلحة.

وتؤكد مصادر دبلوماسية واستخباراتية غربية أن الدعم العسكري الإيراني للسودان حقيقة قائمة وله تأثير على مسار الحرب الأهلية وتوازنات القوى الإقليمية.