الصالح 13

الصالح نيوز : أب السريالية السينمائية ديفيد لينش يرحل تاركا إرثا خالدا

الصالح نيوز :
أب السريالية السينمائية ديفيد لينش يرحل تاركا إرثا خالدا

الصالح نيوز :
أب السريالية السينمائية ديفيد لينش يرحل تاركا إرثا خالدا


الصالح نيوز :
أب السريالية السينمائية ديفيد لينش يرحل تاركا إرثا خالدا

أب السريالية السينمائية ديفيد لينش يرحل تاركا إرثا خالدا

عبدالرحيم الشافعي
المخرج الأميركي العملاق كان فنانا متعدد المواهب جمع بين الرسم والنحت وفن الصورة السينمائية لتجسيد صراع الإنسان المعاصر مع الذات والعالم.

الرباط – توفي الخميس المخرج الأميركي الشهير ديفيد لينش عن عمر يناهز 78 عاما، تاركا وراءه إرثا إبداعيا في عالم السينما والفنون البصرية، ولد لينش في 20 يناير/كانون الثاني 1946، واشتهر بجلب السريالية إلى صالات السينما، جعلته واحدا من أعظم المخرجين في العصر الحديث، وحصل لينش على العديد من الجوائز المرموقة خلال مسيرته، من بينها جائزة الأسد الذهبي عام 2006 وجائزة الأوسكار الفخرية عام 2019، كما وصفته لجنة من النقاد في صحيفة “الغارديان” عام 2007 بأنه “أهم صانع أفلام في العصر الحالي”، في إشارة إلى تأثيره العميق على الصناعة.

 بدأ ديفيد لينش مسيرته السينمائية التي امتدت لعقود، ليترك أثراً كبيرا في عالم صناعة الأفلام، فطور أسلوبه الخاص الذي امتاز بالنحت و النقش وحبه للفنون فوظف مهاراته في الصور المتحركة، وهذا جعله مخرجا يشد الانتباه منذ اللحظات الأولى، فقد قدم فيلمه الأول “إيريزر هيد”، الذي أصبح إعلانا واضحا عن أسلوبه الفريد في التعامل مع السينما، حيث كانت الصور المزعجة والأجواء المظلمة تثير مشاعر الجمهور وتدفعهم لاستكشاف عوالم جديدة مليئة بالغموض صنعها عقل هذا الرجل.

وحصل لينش على ثلاث ترشيحات لجائزة الأوسكار كأفضل مخرج عن أفلامه البارزة “بلو فيلفت”، و”ذا إلفنت مان”، و”مولهولاند درايف”، كإثبات على تأثيره الكبير في هوليوود، وتبنى أسلوبا مبتكرا في السرد، جعله يحظى بإعجاب واسع بين زملائه والجماهير ونقاد السينما، ووصفه المخرج رون هاورد بـ “الرجل النبيل والفنان الجريء”، بينما عّبر الموسيقي موبي عن حزنه العميق لفقدانه، مشيرا إلى تأثيره العميق على الفن والموسيقى.

وتجاوز تأثير لينش حدود الفن السابع ليصل إلى عالم التلفزيون من خلال عودة “توين بيكس” في عام 2017، وهذه العودة كانت تجسيدا لشغفه المستمر وإبداعه الذي لم يتوقف حتى في سنواته الأخيرة، حين كان يعاني من مرض انتفاخ الرئة، ورغم التحديات الصحي  تمسّك بإبداعه ورفض التقاعد، وواصل تقديم أعماله المميزة التي أثرت في العديد من الأجيال، وفي مقابلة له عام 2024، تحدث عن عملية إبداعه وعن تعاوناته مع المؤلف الموسيقي الراحل أنجيلا باتي، حيث أشار إلى أهمية الصوتيات في أعماله التي تساهم في إيصال مشاعر مختلطة.

ونال لينش العديد من الجوائز والتكريمات طوال مسيرته المهنية، بما في ذلك “السعفة الذهبية” في مهرجان كان عن فيلمه “وايلد آت هارت” عام 1990، بالإضافة إلى جائزة الأوسكار الشرفية عام 2020، ورغم الجوائز العديدة التي حصل عليها يظل شغفه العميق بالسينما هو ما يميز إرثه الحقيقي. رحيله يترك فراغاً كبيراً في عالم السينما، لكن تأثيره سيستمر في إلهام الأجيال القادمة والاحتفاظ بمكانته كرمز فني خالد.

ونشأ ديفيد لانش في بيئة مليئة بالتجارب الفنية التي كانت لها دور كبير في تشكيل رؤيته الإبداعية، فلم يتبع المسار الأكاديمي التقليدي وقرر أن يكون بعيدا عن التعليم الجامعي بعد أن شعر بالنفور من الأنماط التقليدية للفن، فترك دراسته في مدرسة المتحف في بوسطن وبدأ يتجه نحو البحث عن أسلوبه الخاص، وهذه التجربة المبكرة انعكست على أسلوبه الفني فيما بعد، إذ بدأ يعمل على فهم الفن خارج حدود الدروس الجامعية، ففكرته كانت تنبثق من أسلوب حياة شعبي، يتأثر بالواقع الاجتماعي والبيئي المحيط به، بعيدا عن الأنماط الجامدة.

واستمر ديفيد في توجيه اهتمامه نحو خلق أسلوب يعكس هذه التجارب الشخصية، وعاش فترة من الزمن في مدينة فيلادلفيا، حيث كانت بيئتها مليئة بالاشتباكات الاجتماعية والتجاوزات الإنسانية، وهذا الحراك الاجتماعي شكل وعيه الفني وأعطاه الكثير من المواد التي يمكن أن ينطلق منها في مشاريعه المستقبلية، إذ ربط بين الواقع الذي يعيشه وبين رؤاه الفنية، فكان يسعى جاهدا إلى التعبير عن التوترات الاجتماعية من خلال أعماله الفنية.

وعمل ديفيد لينش على تطوير أسلوبه الفني ليكون متنوعا وغير تقليدي، واستلهم من مختلف أنواع الفنون ودمج بينها، مثل الفنون التشكيلية والفيديو والصوت والموسيقى، فخلق بذلك أعمالا فنية تتسم بالابتكار والتجديد المستمر، وفنه كان يتجاوز حدود المشهد البصري البسيط ليخلق تجربة حسية متكاملة، واستخدم الصور المتحركة بشكل مبتكر، ودمج الأدوات الفنية الحديثة ليصل إلى تجسيد معاناة الإنسان المعاصر بشكل أكثر دقة، وهذا المزج بين الأبعاد المتعددة جعل أعماله أكثر قوة، إذ يستطيع الجمهور التفاعل معها بشكل متنوع بدءا من التفاعل البصري وصولا إلى التأثيرات النفسية.

وبحث  لينش أيضا عن وسيلة لدمج الواقع الشخصي في أعماله الفنية، فوظف العلاقات التي كانت له مع عدد من الفنانين في تلك الحقبة لإثراء أعماله، خاصة علاقته مع بيتر وولف، الذي كان له دور كبير في التأثير على طريقة تفكير دافيد حول العلاقة بين الموسيقى والفن البصري، فتلك الروابط كانت من العوامل التي أضافت مزيدا من الغنى الفني لأعماله، فبها لم يتوقف عند الفن البصري، فوسع أفقه ليشمل الصوت والموسيقى كعنصرين مؤثرين بشكل كبير في سرد القصص المرئية.

وفتح الراحل آفاقه لتطوير أسلوبه الفني من خلال السفر والاحتكاك بثقافات متعددة، مستلهما من الهويات المختلفة التي اكتسبها من بيئات متنوعة،ـ وهذا التنقل الجغرافي كان له تأثير كبير على فنّه، إذ بدأ يرى الهوية كعنصر متغير عبر النظرة الثقافية، ومن خلال التفاعل البصري مع العالم من حوله، وعند دخوله في هذه التفاعلات الاجتماعية والثقافية، أصبحت أعماله أكثر تعبيرا عن الإنسان المعاصر وتحدياته الداخلية، سمح له بأن يصبح أحد أبرز الفنانين في استخدام الفنون المتعددة لخلق تجارب متكاملة.

وانشغل الرجل في تطوير أعماله التي تقتصر على نقل الصور المرئية،  وركز فيها على تقديم تجربة حسية تدمج بين السمع والبصر والحركة، وتجاوز هذه الأعمال الحدود التقليدية لتصبح نوعا من التفاعل بين المشاهد والعرض، بحيث يستطيع الجمهور أن يكون جزءا من العمل الفني، وركز على فكرة أن الفن يجب أن يكون ذا تأثير مباشر على المشاعر، فتمكن من أن يجعل أعماله مثيرة في جميع الحواس، من خلال استخدام الفنون الاخرى مع الصور والضوء والصوت في صناعة الفن السابع  وخلق تجارب المشاهدين النفسية.

وكان ديفيد أيضا يعنى بتقديم أعمال تحتوي على عناصر من التأملات الداخلية والروحانية، فاستطاع أن يعبر عن صراع الإنسان بين الذات والعالم الخارجي، وكان يعتقد أن هذا الصراع هو جوهر الفن، إذ من خلاله يمكن أن يصل الفنان إلى معانٍ أعمق وأكثر تعقيدًا، فكان يعبر عن هذه الأفكار في أعماله باستخدام الرمزية والألوان والصور المجازية، لتجسيد العلاقات المتناقضة بين الإنسان والواقع.

وترك ديفيد لينش بصمته من خلال أفلامه المميزة، مثل “رأس ممحاة” (1977) و”الرجل الفيل” (1980)، وصولاً إلى “طريق مولهولاند” (2001) و”إمبراطورية الداخل” (2006)، امتزجت أعماله بين الغموض والفلسفة والجمال البصري، ما أكسبها طابعا فنيا يميزها عن غيرها. كان الراحل أيضا فنانا متعدد المواهب، إذ عمل رساما وموسيقيا وممثلًا إلى جانب إخراجه، ليظل اسمه رمزا للإبداع والتجديد في عالم السينما والفنون.

الصالح نيوز :
أب السريالية السينمائية ديفيد لينش يرحل تاركا إرثا خالدا

الصالح نيوز :
أب السريالية السينمائية ديفيد لينش يرحل تاركا إرثا خالدا
#أب #السريالية #السينمائية #ديفيد #لينش #يرحل #تاركا #إرثا #خالدا

Exit mobile version