تونس – تتوقع تونس انتاجا قياسيا من زيت الزيتون للموسم الحالي قد يصل إلى 340 ألف طن أي بزيادة تقدّر بـ55 في المئة عن محصول العام الماضي والذي بلغ 210 آلاف طن تم تصدير ما يقارب 200 ألف طن منها، وفق بيانات رسمية، بينما لا تحجب الأرقام الرسمية حجم التحديات التي يواجهها القطاع سواء على مستوى التصدير أو على مستوى التسويق محليا مع توقعات بتراجع الأسعار.

وقد انطلق موسم جني الزيتون نهاية شهر أكتوبر/تشرين الأول، بينما أبدى فلاحون ومنتجون مخاوفهم على اثر تراجع أسعار زيت الزيتون إلى أدنى مستوياتها منذ أكثر من أربع سنوات، في حين أشار البعض إلى وجود حملة ممنهجة تستهدف القطاع، بينما وجه الرئيس التونسي قيس سعيد الذي كان قد كشف عن أكبر ملف فساد في هنشير (ضيعة) الشعال المملوك للدولة والذي يعتبر من بين الأكبر في العالم بنحو 400 ألف شجرة، باتخاذ اجراءات لتأمين الموسم.

ويعد قطاع الزيتون في تونس قطاعا حيويا وطالما ساهمت إيرادات تصدير زيت الزيتون في تحقيق استقرار مالي، لا سيما في السنوات الأخيرة التي تعرف فيها البلاد صعوبات وعجزا في ميزانيتها. وسجلت إيرادات الزيت ارتفاعا تجاوز 5 مليارات دينار (حوالي مليار وستمائة ألف دولار) وبنسبة 80 في المئة إلى غاية شهر يونيو/حزيران من العام 2024 متجاوزة عائدات السياحة وصناعة الفوسفات والأسمدة الأساسية.

وتسعى الحكومة التونسية الى تعديل الأسعار في السوق المحلية على أن لا يتجاوز سعر اللتر الواحد 8 دولارت، فيما خصص الديوان الوطني التونسي لزيت الزيتون دعما للاستثمار في تعليب الزيت ومسالك تصديره.

وكانت تونس قد أصدرت خلال العامين الماضيين قرارات تتعلق بتنظيم تصدير زيت الزيتون بهدف تثمين قيمته والحفاظ على سمعته، حيث منح قرار رئاسي أولوية التصدير للزيت المعلب البيولوجي وهو ما يقلل من تصدير الزيت السائب الذي يباع بسعر أقل. وكان سعيد قد أمر العام الماضي بضخ ربع الاستهلاك الوطني في السوق من الإنتاج المتأتي من مزارع تابعة للدولة بسعر 15 دينارا (4.77 دولار) وبجودة عالية.

ويحاول القائمون على قطاع الزيتون في تونس الضغط على المسؤولين لمساعدة الفلاحين على تدارك أي خسائر قد يتعرضون لها خلال الموسم الحالي بسبب هبوط الأسعار، وقد أعلنت وزارة الفلاحة عن اجراءات تتعلق بشراء زيت الزيتون من المزارعين من قبل الديوان التونسي للزيت لضمان تمتع صغار المنتجين ببرنامج تدخّل الديوان لشراء كميات منهم، فيما طلب البعض بإيجاد حلول لبناء مخازن لدى الفلاح عندما لا يجد الأسعار المجزية لزيته.

واتهم أنور الحراثي عضو المكتب التنفيذي الوطني للاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري شركات التصدير بالتقاعس عن اقتناء الزيت وبيعه، مشيرا الى أنّه وحسب التقديرات الأولية تمّ جني حوالي 10 في المئة من صابة الزيتون.

وأضاف في تصريح لإذاعة موزاييك الخاصة المحلية أن “هذه الشركات الخاصة اعتاشت لسنوات من زيت الزيتون التونسي وهذه السنة لم يباشروا مهامهم لغايات غير معلومة”، داعيا الديوان الوطني للزيت إلى التدخل بشكل عاجل واقتناء الموجود منه المعاصر وتخزينه”.
وأوضح أنّ “الدولة التونسية ومنذ عقود ركزت برنامجا وحلقات متكاملة لإنتاج وجني وعصر وبيع الزيتون وانشأت ديوان الزيت الذي كانت طاقة استيعابه في البداية في حدود 250 ألف طن لكن مع مرور الوقت والسياسات المختلفة تم تهميش هذا الديوان وتراجعت قدرته على التخزين لتصل حاليا إلى 80 ألف طن”، وفق المصدر ذاته.

وفي لقاء جمعه الخميس برئيس الحكومة كمال المدوري ووزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري عزالدين بن الشيخ، أكد الرئيس التونسي على ضرورة اتخاذ جملة من الاجراءات العاجلة تتعلق بتأمين موسم جني الزيتون بما يحفظ حقوق الفلاحين، داعيا إلى وضع خطة استراتيجية واضحة تقوم على استشراف للمستقبل تحسبا لأي طارئ يمكن أن يستجدّ، وفق بيان للرئاسة التونسية.

وشدد قيس سعيد على “أن محاولات الإرباك التي تحصل هذه الأيام غير طبيعية وأن الدولة لن تبقى مكتوفة الأيدي أمام من يتوهّم أنه قادر على إدخال الاضطراب في أي مجال من المجالات”.

وكان سعيد أيضا قد زار في الفترة الأخيرة هنشير (ضيعة) الشعال التابع للدولة والذي يعتبر أحد أكبر ضيعات الزيتون في العالم بنحو 400 ألف شجرة، كاشفا عن ملف فساد مالي وإداري كبير في إدارة المركب الفلاحي.

وأوقفت السلطات التونسية مسؤولين حكوميين على علاقة بالقضية من بينهم وزير سابق ورجال أعمال، وجرى توجيه اتهامات تتعلق بشبهات غسيل أموال وإساءة استخدام السلطة. ويعتبر ملف الفساد هذا واحدا من أكبر ملفات الفساد المتعلقة باهدار ونهب المال العام، في الوقت الذي تعاني فيه تونس من أزمة اقتصادية متراكمة.