الصالح نيوز :
أفلام كوميدية مغربية تطرح أسئلة جدية حول سياسات الدعم
الصالح نيوز :
أفلام كوميدية مغربية تطرح أسئلة جدية حول سياسات الدعم
أفلام كوميدية مغربية تطرح أسئلة جدية حول سياسات الدعم
الرباط – تعيش القاعات السينمائية المغربية في الوقت الحالي حالة من الازدواجية بين الأفلام الكوميدية التجارية التي تحقق نجاحًا جماهيريًا كبيرًا، رغم عدم تلقيها أي دعم من المركز السينمائي المغربي، وبين الأفلام التي تستفيد من هذا الدعم، لكنها لا تحقق أي حضور ملموس في صالات العرض إلا البعض، في حين نجد أن الأفلام المدعومة من المركز السينمائي المغربي والتي تصنف ضمن ما يسمى سينما المؤلف، غالبًا ما تمر مرور الكرام على شاشات العرض ولا تجذب الجمهور، بل تبقى حبيسة الفضاءات السينمائية الخاصة أو المهرجانات دون أن تشد انتباه المتفرجين.
ويثير هذا التفاوت بين نوعي الأفلام تساؤلات حول الأسباب التي تقف وراء هذا الإخفاق في جذب الجمهور الى السينما المدعومة، مقارنة بنجاح الأعمال التجارية الكوميدية، رغم الذي تقدمه مؤسسات الدولة، فهل يعود الأمر إلى غياب الارتباط بالجمهور المحلي في الأفلام المدعومة؟ أم أن هناك خللًا في سياسات الدعم والتشجيع على الإنتاج السينمائي؟ وكيف يمكن تفسير هذه الفجوة بين ما يحققه المخرجون من دعم وما يجنيه المنتجون من نجاحات جماهيرية؟
كيف يمكن تفسير هذه الفجوة؟
وتعتبر الأفلام الكوميدية ذات الدعم الخاص من أبرز النجاحات التي شهدتها القاعات السينمائية المغربية في السنوات الأخيرة من فيلم “30 مليون” ل ربيع شجيد، وفيلم “ضاضوس” لعبدالواحد مجاهد وحتى الفيلم الاخير “زعزوع” لربيع شجيد ضمن نفس الخانة، ويعود هذا النجاح إلى عدة عوامل، أبرزها تركيز كتّاب ومخرجي هذه الأفلام على اختيار أبطال معروفين لدى الجمهور المغربي، فوجود نجوم مثل رفيق بوبكر وماجدولين الادريسي و عزيز داداس أو رواد الكوميديا مثل ادريس ومهدي وياسار وباسو… الذين يحظون بشعبية كبيرة بين فئات مختلفة من المجتمع يسهل عملية جذب الجمهور إلى دور العرض، كما أن هذه الأفلام تتسم بقدرتها على مراعاة الذوق العام للمتفرج المغربي من خلال تناول قضايا اجتماعية وثقافية قريبة من حياته اليومية.
ويركز العديد من صناع السينما الكوميدية على دراسة عميقة لما يفضله الشعب المغربي من نوعية المواضيع، حيث غالبًا ما تتناول هذه الأفلام القضايا التي تنسي هموم الجمهور بطريقة هزلية تتيح له الهروب من ضغوطات الحياة اليومية، فمن خلال مزيج من الفكاهة الخفيفة والأداء التمثيلي الخفيف تحقق قدرة على تلبية حاجات واهتمامات الجمهور، وهذا عامل مهم يساهم في نجاحها على المستوى التجاري والجماهيري.
وتعد الأفلام التي يسميها بعض النقاد بسينما المؤلف من أبرز الأعمال التي لم تنجح في جذب الجمهور المغربي، رغم الدعم الكبير الذي تحظى به هذه الأفلام من المركز السينمائي المغربي، إلا أنها غالبًا ما تواجه فشلاً ذريعًا عند عرضها في القاعات السينمائية، فبمجرد أن يدخل الجمهور إلى القاعة، يلاحظ المشاهدون غياب التشويق أو القصة التي تتماشى مع اهتماماتهم، فيبدأون في مغادرة القاعة قبل نهاية الفيلم، ويكمن السبب الرئيس لهذا الفشل في أن هذه الأعمال، رغم عمقها الفني وتوجهها إلى معالجة قضايا فلسفية أو اجتماعية، غالبًا ما تكون بعيدة عن الواقع اليومي للمشاهد المغربي.
و تركز هذه الأفلام على رؤى وإبداعات المخرج الشخصية وتستند إلى أساليب سردية قد تكون معقدة أو بطيئة يصعب على الجمهور العادي الارتباط بها أو الاستمتاع بها، وبهذا الشكل تظل سينما المؤلف غالبًا مغلقة على فئة محدودة من المتفرجين الذين يفضلون الأعمال الأكثر تعقيدًا، بينما يعزف عنها الغالبية الكبرى من الشعب الذي يبحث عن أفلام قادرة على تقديم متعة بصرية وسردية تتناسب مع ذوقه واهتماماته.
وتشهد بعض الأفلام المغربية الحديثة التي تجمع بين الكوميديا والرواية مثل فيلم على الهامش لجيهان البحار، بقدرتها على تحقيق النجاح في كل من المهرجانات السينمائية والقاعات الجماهيرية، وهو ما يعد إنجازًا نادرًا في السينما المغربية، إذ أن هذه الأفلام لا تقتصر على تقديم متعة خفيفة للجمهور من خلال الفكاهة، بل تمتاز أيضًا بقدرتها على معالجة قضايا اجتماعية وثقافية هامة.
ويكمن ذكاء هذه الأفلام في قدرتها على الجمع بين عمق الرواية وحس الكوميديا، حيث تقدم قصة ذات مغزى مع سرد فكاهي سلس، يجعلها في متناول جميع الفئات الاجتماعية، كما أن هذه الأفلام غالبًا ما تبتعد عن الأسلوب التقليدي ، لتدمج بين التفصيلات الدرامية التي تشكل بنية رواية متكاملة، وبين لحظات فكاهية تُكسر حاجز الموضوعات الثقيلة، ومن خلال هذا التوازن بين الجوانب الفنية التي ترضي نقاد السينما وجوانب الإثارة التي تستهوي الجمهور العادي، تصبح هذه الأفلام نموذجًا للسينما القادرة على خلق تفاعل بين مختلف شرائح الجمهور، سواء في الفضاءات السينمائية المحلية أو على منصات المهرجانات الدولية.
أما التطبيل والتهليل بالجوائز التي تُمنح للأفلام في المهرجانات الدولية لا يمثل دائمًا مؤشرًا حقيقيًا على جودة العمل السينمائي،ففي العديد من الحالات لا يُمنح هذا التقدير بناءً على مضمون الفيلم أو قوته الفنية، بل على العلاقات الشخصية والروابط التي تربط أصحاب الفيلم بالقائمين على تلك المهرجانات، وما يحدث في مثل هذه الحالات هو أن النفخ الإعلامي حول الجوائز يغطي جوانب أخرى قد تكون غائبة عن المشهد، مثل ضعف الفكرة أو تراجع التماسك الداخلي للعمل.
وتحتاج السينما المغربية اليوم إلى أفلام تستطيع أن تخدم القاعات السينمائية والمهرجانات معا، بحيث تكون قادرة على جذب جمهور واسع من جهة، وفي الوقت ذاته تحقق قيمة فنية تليق بمستوى المهرجانات الدولية من جهة أخرى، إذ إن وجود هذا التوازن بين النجاح التجاري والجودة الفنية هو السبيل لاستمرار السينما المغربية في التقدم والانتشار، حيث أن الأفلام التي تحقق النجاح في المهرجانات غالبًا ما تكون محصورة في فئة معينة من المتفرجين الذين يهتمون بالقضايا الفنية العميقة، بينما لا تلبّي احتياجات الجمهور الواسع الذي يبحث عن ترفيه وموضوعات قريبة من حياته اليومية.
وتفتقر الأفلام التي تستهدف السوق التجاري في الغالب إلى القيمة الفنية العميقة التي يمكن أن تبرز في المهرجانات الدولية، لذا من الضروري أن تتضافر الجهود لإنتاج أفلام قادرة على الجمع بين الجوانب الترفيهية والجودة الفنية، يجعلها قادرة على جذب جمهور متنوع مع تلبية المعايير الفنية التي يبحث عنها النقاد والمهرجانات، فبهذا الشكل يمكن للسينما المغربية أن تساهم في إثراء المشهد الثقافي في الداخل والخارج، من خلال أعمال ذات قيمة جماهيرية وفنية، تحقق النجاح في الصالات وتستحق التقدير في الفضاءات السينمائية الدولية.
الصالح نيوز :
أفلام كوميدية مغربية تطرح أسئلة جدية حول سياسات الدعم
الصالح نيوز :
أفلام كوميدية مغربية تطرح أسئلة جدية حول سياسات الدعم
#أفلام #كوميدية #مغربية #تطرح #أسئلة #جدية #حول #سياسات #الدعم