ملبورن (استراليا) – اكتشف باحثون استراليون علامتين من علامات الخرف لا علاقة لهما بالذاكرة قد تظهران قبل اكثر من عقد من الزمن على ظهور الأعراض المعروفة للمرض.

والتغيرات التي توصل لها الباحثون تحصل في شكل الجسم ومستويات “الكوليسترول الجيد”.

تقدم هذه النتائج نظرة ثاقبة حول التغيرات القلبية الأيضية التي تسبق الخرف، مما يفتح المجال للمراقبة والتدخل المبكر.

أظهرت الدراسة أن الأشخاص الذين أصيبوا بالخرف لاحقًا شهدوا انخفاضًا أسرع في مؤشر كتلة الجسم (BMI) ومحيط الخصر خلال عدة سنوات قبل تشخيصهم، مقارنةً بأولئك الذين لم يصابوا بهذه الحالة العصبية التنكسية.

كما أشارت الدراسة إلى أن المستويات المرتفعة من البروتين الدهني عالي الكثافة (HDL) قد تكون مؤشرًا مبكرًا للإصابة بالخرف.

في تقرير نُشر في مجلة JAMA Network Open، أشار الباحثون إلى أن نتائجهم توفر “فرصًا محتملة للوقاية من الخرف”.

وأوضحوا: “تشير هذه النتائج إلى أن بعض العوامل القلبية الأيضية قد تنحرف عن مستوياتها الطبيعية قبل ظهور الخرف”، وأضافوا: “قد تكون هذه الفروقات عوامل خطر أو مؤشرات مبكرة مرتبطة بالتدهور الإدراكي، مما يؤكد أهمية المراقبة الديناميكية”.

أشار الدكتور زيمو وو، من جامعة موناش في ملبورن، وزملاؤه، إلى أن وظائف القلب والأيض سبق أن رُبطت بالتنكس العصبي. كما تم ربط عوامل الخطر القلبية الأيضية في أواخر العمر، مثل السمنة، وارتفاع ضغط الدم، والسكري، واضطرابات الدهون، بتدهور صحة الدماغ وزيادة خطر الإصابة بالخرف. وقد تم اقتراح مقاومة الأنسولين، والالتهابات المحيطية، والإجهاد التأكسدي كآليات أساسية كامنة وراء ذلك.

وللتحقيق في هذه الارتباطات بشكل أعمق، درس وو وزملاؤه بيانات مجموعة كبيرة من الأفراد الذين يعيشون في المجتمع، والذين تزيد أعمارهم عن 65 عامًا، وخضعوا لتقييمات منتظمة على مدار عدة سنوات.

على وجه التحديد، قام الباحثون بمقارنة المسارات الزمنية للعوامل القلبية الأيضية خلال الـ 11 عامًا السابقة لتشخيص الخرف لدى 1078 شخصًا أصيبوا بالمرض، مع 4312 شخصًا لم يُصب بالخرف.

بشكل عام، لوحظت مسارات تنازلية في مؤشر كتلة الجسم، ومحيط الخصر، وضغط الدم الانقباضي والانبساطي، ومستويات كل من الكوليسترول منخفض الكثافة (LDL) والكوليسترول الكلي.

في المقابل، أظهرت مستويات الغلوكوز في الدم، والبروتين الدهني عالي الكثافة (HDL)، والدهون الثلاثية اتجاهات تصاعدية بمرور الوقت.

كان لدى الأفراد الذين أصيبوا بالخرف لاحقًا مؤشر كتلة جسم ومحيط خصر أقل قبل التشخيص، مع انخفاض أسرع مقارنةً بغيرهم. وانخفض مؤشر كتلة الجسم قبل سبع سنوات من تشخيص الخرف، في حين أصبح التراجع في محيط الخصر واضحًا قبل عقد من التشخيص.

كما ارتفعت مستويات HDL بشكل مطرد لدى الأشخاص غير المصابين بالخرف. لكن أولئك الذين أصيبوا بالمرض أظهروا في البداية مستويات HDL أعلى من غيرهم، خصوصًا في الفترة بين ثلاث إلى خمس سنوات قبل التشخيص.

يرجح الباحثون أن هذا قد يكون استجابة تعويضية لحالات مثل تراكم بيتا أميلويد واضطراب أيض الدهون. ولكن هذه الزيادة الأولية في HDL تلتها انخفاضات طفيفة خلال السنوات الأربع التي سبقت تشخيص الخرف، ربما بسبب انخفاض النشاط البدني وقلة تناول الطعام مع تقدم المرض.

وأظهرت الدراسة أيضًا أن الأشخاص الذين أصيبوا بالخرف لاحقًا كانت لديهم مستويات ضغط دم ودهون ثلاثية أقل قبل عقد من التشخيص، ومستويات LDL وكوليسترول كلي أعلى، لكن الفرق لم يكن كبيرًا إحصائيًا مقارنة بالمجموعة الضابطة.

وأشار الباحثون إلى أن “نتائجنا تشير إلى أن التغيرات في تكوين الجسم قد تبدأ خلال المرحلة قبل السريرية من الخرف، قبل ظهور الأعراض”.

وأضافوا: “نظريًا، قد يساعد هذا في تفسير فرضية السببية العكسية ومفارقة السمنة في الشيخوخة الإدراكية، حيث يبدو أن الوزن الزائد قد يكون مفيدًا في المراحل المتأخرة من الحياة”.