الرباط – سلطت دراسة فرنسية الضوء على الشراكة الاستراتيجية المتجددة بين المغرب وفرنسا ودورها في مساعدة باريس على استعادة نفوذها في دول غرب إفريقيا.

واستعرضت الدراسة التي نشرتها المجلة الجيوسياسية الفرنسية “كونفلي” الدور المحوري الذي تلعبه المملكة في الأسواق الافريقية بفضل مخطط واضح وطموح خوّل لها أن تكون مركزا تجاريا وصناعيا يربط أوروبا وأفريقيا وأميركا الجنوبية.

وأكدت أن باريس تواجه تراجعا هاما في نفوذها العسكري والاقتصادي داخل مستعمراتها السابقة الناطقة بالفرنسية ما أضرّ بمصالحها الدبلوماسية والأمنية والاقتصادية، بينما ترى الأوساط السياسية الفرنسية أن تعزيز العلاقات مع المغرب يمثل فرصة استراتيجية يمكن أن تساعدها على استعادة مكانتها المفقودة في القارة الإفريقية ومواجهة هذ التحول.

وعلى إثر إعلان باريس دعم مبادرة الحكم الذاتي في النزاع المفتعل في الصحراء المغربية، عرفت العلاقات الثنائية بين الرباط وفرنسا مرحلة جديدة من التعاون بين البلدين ترسخت بإبرام 22 اتفاقية خلال زيارة الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون للمغرب في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، ورسم مسارا جديدا يعكس انفتاحا فرنسيا واسعا على المملكة بما يشمل مختلف المجالات الحيوية والاستثمارات في أكثر من قطاع وأكثر من منطقة.

وأكدت الدراسة أن الرباط تسير بخطى ثابتة نحو تعزيز ريادتها على المستوى الإقليمي والقاري عبر إحياء العلاقات الثقافية والدينية والاقتصادية مع دول غرب إفريقيا، ما أتاح لشركاتها في مجالات الطاقة والبنوك والبناء أن ترسّخ موطئ قدم قويا في المنطقة.

وعملت المملكة على تطوير بنيتها التحتية اللوجستية، من خلال مشاريع كبرى مثل ميناء الداخلة الأطلسي والطريق السيار تيزنيت–الداخلة، إضافة إلى توسيع شبكة القطارات فائقة السرعة، في ظل المنافسة الإقليمية وخاصة من موريتانيا والسنغال اللتين تعملان على تطوير موانئ مماثلة على الساحل الأطلسي.

ووفق التقرير الفرنسي، يرى الباحث الاقتصادي بيير هيربي أن نجاح المغرب في ترسيخ وجوده داخل القارة يعتمد على تعزيز الخدمات اللوجستية البرية داخل القارة ويعزز روابط النقل مع الدول الأفريقية غير الساحلية، مما سيدعم التنمية الاقتصادية المستدامة في افريقيا ويقلل في المقابل من الاعتماد على صادرات المواد الخام ذات القيمة المضافة المحدودة.

وشهدت استثمارات المملكة في إفريقيا طفرة كبيرة حيث ارتفعت من 100 مليون دولار عام 2014 إلى أكثر من 800 مليون دولار عام 2021، فيما أكدت بيانات عن وزارة الاقتصاد والمالية المغربية أن 43 بالمائة من الاستثمارات الأجنبية المباشرة المغربية موجهة اليوم نحو القارة السوداء.

ويصنف المغرب ضمن البلدان الخمسة الأولى التي حسنت مناخ الأعمال لديها بشكل كبير خلال العقدين الماضيين، حيث احتلت المملكة بين عامي 2003 و2023 المركز الرابع من بين 82 بلد تمكن من تحسين مناخ الأعمال بشكل ملحوظ، متصدرة ترتيب دول منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا، وذلك وفق مؤشر وحدة المعلومات الاقتصادية التابعة لمجلة الإيكونوميست.

وعززت الإصلاحات الاقتصادية والسياسية، إلى جانب الاستقرار السياسي والرؤية الاقتصادية الواضحة جاذبية بيئة الأعمال في المغرب، بالإضافة الى مشاريع البنية التحتية الكبرى التي شهدتها المملكة لاسيما في مجال الطاقة المتجددة وقطاعات السيارات والزراعة، وهو ما مكنها من البروز كلاعب رئيسي في التجارة العالمية على المستوى القاري.

ومنتصف ديسمبر/كانون الأول الماضي، وقع الرباط والسنغال اتفاقا لإطلاق خط بحري جديد بين أكادير ودكار لتسهيل التبادل التجاري بين المملكة ودول غرب أفريقيا، ما من شأنه أن يقلّص كلفة تصدير السلع المغربية.