مدريد – توصل باحثون اسبان الى إلى أن الكركم ومنتجاته ذات الصلة، مثل الكركمين قد يُساعد في تسريع تعافي العضلات وتخفيف الألم  والالتهابات في الجهاز العضلي الهيكلي بعد ممارسة التمارين الرياضية الشديدة.

ونبات الكركم، الذي ينتمي إلى عائلة الزنجبيل، يستُخدم كتوابل أو صبغة غذائية في الطهي لآلاف السنين. يتم استخراج مادة ذات لون أصفر أو أحمر – اعتمادًا على النوع – من ساقه لتكون واحدة من المكونات الرئيسية للكاري، وهو طبق آسيوي يتمتع بشعبية واسعة في جميع أنحاء العالم.

إلى جانب استخداماته في الطهي، يُستخدم الكركم ومكونه النشط، الكركمين، في مجموعة متنوعة من العلاجات المستندة إلى الطب الآسيوي التقليدي. في الواقع، أُجريت مئات الدراسات في العقود الأخيرة لفحص خصائص هذه المادة وتأثيراتها على الجسم والفوائد المرتبطة باستهلاكها.

وفي هذا السياق، توصل الباحثون من جامعة أوبيرتا كاتالونيا أنّ الكركمين بديل طبيعي فعّال للحدّ من الالتهابات والألم؛ ما يُسهم في تحسين الصحة العامة للأفراد الذين يُشاركون في التمارين المكثَّفة، مثل رفع الأثقال و”السكوات”؛ ما يُسهم في تسريع التعافي، وتحسين الأداء البدني في الجولات التالية من التدريب.

وخلال الدراسة، أجرى الفريق مراجعة منهجية لنتائج عدد من الدراسات حول تأثيرات مكمّلات الكركمين في الالتهابات والأضرار العضلية الناتجة عن التمرين، واستخدامه مكملاً غذائياً.

وحُلِّلت البيانات من مجموعة دراسات علمية تتعلّق بتأثير الكركمين في الرياضيين، خصوصاً فيما يتعلّق بتأثيره في التعافي العضلي، وتقليل الألم، وتحسين حركة العضلات، وتقليل الالتهابات.

ويُعدّ تعافي العضلات بعد التمرين الشاق عملية حيوية تُساعد في استعادة القوة والمرونة العضلية المفقودة نتيجة الإجهاد البدني. وتتضمّن هذه العملية إصلاح الأنسجة العضلية التي تتعرّض للتمزّق في أثناء التمرين؛ ما يُساعد على تقليل الألم والتورُّم الناتج عن الالتهابات.

وصرح دانيال فاسيلي بوبسكو-رادو، وهو صيدلي وخبير تغذية يدرس للحصول على درجة الدكتوراه في الصحة وعلم النفس، بالإضافة إلى درجة الماجستير في التغذية للأداء الرياضي في جامعة UOC، قائلاً “يرتبط تناول الكركمين قبل التمارين وبعدها بنتائج أفضل من حيث تعافي العضلات، تقليل الألم، وتحسين القدرة المضادة للأكسدة”.

بوبسكو-رادو هو المؤلف الرئيسي لهذه الدراسة، التي أُعدت تحت إشراف باتريشيا مارتينيز، خبيرة التغذية والمدرّسة بكلية العلوم الصحية في الجامعة، وبالتعاون مع لورا إسكيوس دي لا زارزا، مديرة برنامج الماجستير في التغذية للأداء الرياضي، ومارتا ماسيب، عضوة في نفس الكلية.

فوائد الكركمين

أثبتت مئات الدراسات العلمية فوائد الكركمين، خاصةً فيما يتعلق بخصائصه المضادة للأكسدة والمضادة للالتهابات. ومع ذلك، فإن الإسهام الجديد لهذه الدراسة هو تأكيد هذه النتائج في مجال الرياضة من خلال مراجعة الأدبيات العلمية

وأوضح بوبسكو-رادو: “هدف الدراسة كان تقييم الأدلة العلمية حول فعالية الكركمين في تخفيف تلف العضلات الناتج عن التمارين الرياضية، مثل إصابات الألياف العضلية، الألم، وانخفاض القوة، إلى جانب تحديد قدرته على تقليل مؤشرات الالتهاب، تحسين الإحساس بالألم، وتسريع تعافي العضلات لدى الرياضيين المدربين”.

“الاستخدام الفعّال للكركمين يعتمد على الجرعة، التوافر الحيوي، ووقت التناول”

وفقًا للمؤلفين، تشمل فوائد الكركمين المحتملة التخفيف من الالتهابات العضلية المحلية والعامة، تقليل الضرر التأكسدي الناتج عن زيادة إنتاج الجذور الحرة أثناء التمارين الرياضية، وتخفيف الألم العضلي، مما يحسن من إدراك الفرد للألم ومدى حركة العضلات المصابة.

وأضاف بوبسكو-رادو: “يساعد تناول الكركمين بجرعات معتدلة بعد التمارين ضمن النطاق المحدد على تحسين وتسريع تعافي العضلات”. وأشار إلى أن الإشراف المهني يمكن أن يكون مفيدًا لضبط الجرعة ووقت التناول من أجل تحقيق أقصى فائدة.

الجرعة الموصى بها

يقدّر الخبراء أن تناول 1-4 غرامات يوميًا من الكركمين يكفي للأشخاص الأصحاء للاستفادة من هذه الفوائد، خصوصًا فيما يتعلق بالتمارين الغريبة التي تعد الأكثر إضرارًا بالعضلات لدى الرياضيين. وقالت مارتينيز: “الاستخدام الفعّال للكركمين يعتمد على عوامل مثل الجرعة، التوافر الحيوي، ووقت التناول، مع تحقيق أكبر الفوائد عند تناوله بعد التمارين”.

على الرغم من هذه الفوائد المثبتة، أشار الخبراء إلى ضرورة مراعاة عوامل أخرى، مثل التأثيرات الهرمونية، الخصائص الفردية للمستهلك، وقت التناول، والصيغة المستخدمة.

وأضاف بوبسكو-رادو: “قد يتأثر امتصاص الكركمين وتوافره الحيوي بالصيغة المستخدمة أو وجود مواد أخرى مثل البيبيرين. علاوة على ذلك، فإن تنوع المشاركين في الدراسات يجعل من الصعب تعميم النتائج على الرياضيات أو حالات معينة، مثل فترة ما قبل انقطاع الطمث وبعده”.

الحاجة لمزيد من البحث

رغم أن جميع هذه الدراسات تظهر الإمكانات الكبيرة للكركمين كمكمل غذائي للرياضيين، أشار الخبراء إلى الحاجة لإجراء أبحاث إضافية تشمل عينات أكبر لتأكيد هذه النتائج وتعزيزها.

وختم الخبراء بالقول: “يمكن للكركمين أن يعزز بشكل كبير من رفاهية من يمارسون التمارين الرياضية بانتظام. قد يلعب دورًا مهمًا في تقليل مؤشرات الالتهاب، تحسين القدرة المضادة للأكسدة، وتحقيق فوائد صحية أخرى”. ومع ذلك، شددوا على ضرورة إجراء المزيد من الأبحاث حول الصيغ، الامتصاص، التوافر الحيوي، وعوامل أخرى لتقييم التأثيرات بشكل دقيق.

ونوّه الفريق بأنّ الفوائد التي أظهرتها الدراسة تتجاوز الرياضيين، لتشمل الأشخاص الذين يمارسون التمارين البدنية، أو يعانون الألم العضلي والالتهابات المفصلية؛ ما يُعزّز من استخدام الكركم بكونه جزءاً من العلاجات المنزلية الطبيعية.

للحصول على فوائد علاجية للكركمين غالبًا يُستهلك بجرعات تتراوح بين 500 إلى 2000 ملغ يوميًا عبر المكملات.

وستحتاج إلى تناول كمية كبيرة من الكركم (حوالي 3-10 غرامات يوميًا) للحصول على كمية مماثلة من الكركمين.

والكركمين يعاني من ضعف الامتصاص في الجسم. سواء تناولت الكركم أو مكمل الكركمين، يُنصح بتناوله مع الفلفل الأسود (الذي يحتوي على البيبيرين) لتحسين الامتصاص، أو مع الدهون الصحية (مثل زيت الزيتون أو زيت جوز الهند).