الرباط – للمرّة الأولى منذ ست سنوات، عبرت شاحنات محمّلة ببضائع الأربعاء والخميس الحدود نحو المغرب من سبتة ومليلية، في خطوة تمثّل عودة حركة التجارة العابرة للحدود في الجيبين الخاضعين للسيادة الإسبانية.

وكانت إعادة فتح المعابر إحدى الاتفاقيات الرئيسة التي تم التوصل إليها في أبريل/نيسان 2022 بين حكومتي إسبانيا والمغرب، عقب اللقاء بين العاهل المغربي الملك محمد السادس ورئيس الوزراء الاسباني بيدرو سانشيز.

وكتبت سابرينا مو مندوبة الحكومة الإسبانية في مليلية الأربعاء على “اكس” أن “بضائع نقلت اليوم إلى المغرب عبر الجمارك التجارية في مليلية، في خطوة إضافية نحو تطبيع الحدود والجمارك التجارية”.

وفي العام 2018، أغلقت السلطات المغربية بشكل أحادي الجمارك التجارية مع مليلية، في ظلّ توتّرات دبلوماسية تفاقمت بسبب الموقف السلبي للحكومة الاسبانية حينها من مغربية الصحراء وهي مستعمرة إسبانية سابقة غنية بالفوسفات والسمك مدرجة ضمن قائمة الأمم المتحدة “للأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي” وموضع نزاع افتعلته الجزائر عبر تغذية النزعة الانفصالية للكيان غير الشرعي المسمى ‘الجمهورية العربية الصحرواية’.

أما سبتة، الجيب الإسباني الآخر في شمال إفريقيا، فلم يكن فيها أيّ مكتب للجمارك يتيح عبور البضائع، ولم يكن يسمح فيها سوى بعبور الأفراد والمركبات الخاصة. لكنّ مكتبين للجمارك التجارية دشّنا الخميس مع عبور أوّل شاحنة بضائع. وأفادت صحيفة “إل فارو دي سويتا” المحلية بأن الشاحنة عبرت مركز الجمارك عند الساعة الحادية عشر صباحا.

وأعلن وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس الأربعاء من بيروت حيث كان في جولة في المنطقة أن عبور البضائع في سبتة ومليلية يندرج في سياق “المرحلة الأولى” من تطبيع العلاقات التجارية، وفق ما أفادت وسائل إعلام إسبانية.

وأغلقت المعابر الحدودية في الجيبين بالكامل في مارس/آذار 2020 بسبب جائحة كوفيد-19. وامتدّ إغلاقها في ظلّ النزاع بشأن الصحراء المغربية. وأعيد فتحها في مايو/آيار 2022 بعد تخلّي مدريد عن موقفها السلبي من مغربية الصحراء ودعمها المقترح المغربي للحكم ذاتي تحت سيادة المملكة، غير أن الجمارك التجارية بقيت مغلقة لأسباب “تقنية” بحسب السلطات الاسبانية.

ويشكّل جيب سبتة الصغير الواقع على الساحل الشمالي للمغرب، كما مليلية الواقعة على مسافة حوالى 400 كيلومتر شرقا، الحدود البرّية الوحيدة بين الاتحاد الأوروبي وإفريقيا. وتطالب المملكة ببسط سيادتها على الإقليمين.

ونجحت السلطات المغربية في فرض شروطها لإعادة فتح الجمارك التجارية وفقا لتصوراتها الإقليمية، والتي تقتصر على السماح بمرور المنتجات المصنعة في مليلية عبر الجمارك، دون تصدير أي منتجات أخرى إلى المغرب عبر المدينة.

وعرفت العلاقات الثنائية بين الرباط ومدريد تطوّرا لافتا من خلال التعاون في مختلف المجالات، وسط تقارب في الرؤى فرضه تغيير مدريد لموقفها من ملف الصحراء المغربية وتأييد مشروع الحكم الذاتي، وهو ما فتح المجال أمام ابرام شراكة إستراتيجية غير مسبوقة تعززت بتوقيع العديد من الاتفاقيات لتسهيل الاستثمارات الاسبانية في المغرب.

وكان العاهل الإسباني الملك فيليبي السادس قد أكد خلال كلمة ألقاها أمام المؤتمر التاسع للسفراء الإسبان المعتمدين في الخارج، على الطابع “الخاص” لعلاقات بلاده مع المغرب، داعيا إلى تعزيز هذه العلاقات في إطار الصداقة وحسن الجوار، وفق البوابة الوطنية المغربية، مضيفا “سنواصل المضي قدما في دفع أجندتنا الثنائية مع المغرب، البلد الذي يجب أن نواصل العمل معه بروح من الصداقة والتعاون التي تحكم علاقات الجوار الخاصة بيننا”، وفق المصدر ذاته.