تونس – رفض البرلمان التونسي الأحد مقترحا مثيرا للجدل يتعلق بالحد من هجرة الكفاءات التونسية، بعد أن سحب النائب فخرالدين فضلون رئيس لجنة الشباب والرياضة إمضاءه على المشروع.
وتتضمن المبادرة التشريعية إضافة فصل لقانون المالية يُلزم خريجي الجامعات، وخاصة الأطباء والمهندسين الراغبين في العمل خارج البلاد بتسديد 50 في المئة من تكاليف دراستهم للدولة، فضلاً عن مقترح آخر يطالب الدول المستضيفة بدفع التكاليف على غرار ما يحدث مع نجوم الرياضة المحترفين في الخارج.

واستنكرت النقابات والهياكل المهنية هذه الخطوة على غرار عمادة الأطباء وعمادة المهندسين، حيث اعتبر عميد المهندسين التونسيين كمال سحنون أن المشروع يتعارض مع ما جاء في الدستور التونسي من مجانية التعليم غريب، مؤكّدا أنه لا يرتقي لأن يكون موضع دراسة رسمية.

ونقل موقع أخبار شمال افريقيا رفض الكاتب العام لعمادة الأطباء التونسيين نزار العذاري المقترح بشدة، واصفاً إياه بأنه “سالب للحريات وخطير”، محذرا من أن مثل هذه الإجراءات العقابية لن تكون مجدية على المدى الطويل، بل قد تؤدي إلى عزوف الشباب عن دراسة الطب.

وكانت العمادة قد أعلنت في وقت سابق عن هجرة 1500 طبيب تونسي في العام 2023، فيما تشير الإحصاءات الرسمية إلى أن أكثر من أربعة آلاف طبيب غادروا البلاد خلال السنوات الثلاث الأخيرة، ما يعكس اتساع أزمة هجرة الكفاءات من تونس.

وتعاني تونس من البطالة في العديد من القطاعات لكنها تشهد في نفس الوقت هجرة الكفاءات او “الأدمغة” في اختصاصات هامة وحيوية مثل الطب والهندسة وهي تعمل على وقف هذا النزيف.

وتظهر مؤشرات حديثة صادرة عن المعهد الوطني للإحصاء الحكومي أن نسبة البطالة في تونس قد بلغت 16 في المئة خلال الثلاثي الثالث من 2024.

وكان المعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية كشف عن حجم النزيف في ملف خروج المهندسين، حيث افاد وفق احصائيات أجريت في يوليو/تموز الماضي أن ” حوالي 3 آلاف مهندس تونسي يغادرون البلاد سنويا فيما بلغت نسبة الكفاءات الطبية المهاجرة نحو 4 آلاف مهاجر في الثلاث سنوات الفارطة فقط”.
كما أكدت دراسة نُشرت في العام 2020 من قبل طالب دكتوراه شاب في الطب أن هجرة الأدمغة تؤثر على جميع اختصاصات الأطباء والكوادر الصحية، ما يعزز أوجه القصور،لا سيما في المناطق الأقل نموا”.

وكانت وزارة الصحة في تونس قد أعلنت عن حزمة من الإجراءات التحفيزية، على غرار رفع بعض العراقيل وتحسين مناخ العمل بهدف تشجيع الأطباء المهاجرين على العودة إلى بلادهم.

وأكد وزير الصحة التونسي مصطفى الفرجاني في تصريحات لوسائل اعلام محلية خلال إشرافه على الافتتاح الرسمي للمؤتمر الثامن والعشرين للجمعية التونسية لطب الإنعاش، أن الحكومة التونسية ستشرع خلال سنة 2025 في تطبيق جملة من الإجراءات التحفيزية لفائدة الأطباء سواء الراغبين في العودة إلى تونس بعد هجرة سنوات خارج الوطن أو للحد من هجرتهم.

وأوضح الفرجاني أن من بين هذه الإجراءات رفع جملة من العراقيل الإدارية وتحسين مناخ العمل مع إعطاء الأولوية لجملة من الاختصاصات تشمل طب الإنعاش والجراحة، مشيرا الى أن 75 في المئة من الأطباء المهاجرين يرغبون في العودة إلى تونس لذلك يجب تشجيعهم من أجل استعادة البلاد لكفاءاتها.

وكان الرئيس قيس سعيد قد أكّد خلال زيارته إلى مستشفى بمحافظة صفاقس وسط شرقي البلاد الخميس أن الأطباء هم مفخرة لتونس وأنه ينبغي إيجاد نظام قانوني جديد لترغيبهم وتحفيزهم.