الصالح نيوز :
جدال برلماني بشأن قانون التبليغ عن جرائم المال العام في المغرب
جدال برلماني بشأن قانون التبليغ عن جرائم المال العام في المغرب
الصالح نيوز :
جدال برلماني بشأن قانون التبليغ عن جرائم المال العام في المغرب
جدال برلماني بشأن قانون التبليغ عن جرائم المال العام في المغرب
الرباط – أثارت المادة 3 من القانون الجنائي نقاشات حادة داخل البرلمان المغربي حيث تصر الحكومة، بأن الهدف منها حماية المسؤولين من “التشهير والوشايات الكاذبة”، بينما ترى المعارضة أن التعديلات المطروحة قد تضعف جهود الشفافية والمحاسبة، وتعيق جهود مكافحة الفساد وتقييدًا لدور المجتمع المدني.
وتنص المادة المثيرة للجدل أنه “لا يمكن إجراء الأبحاث وإقامة الدعوى العمومية في شأن الجرائم الماسة بالمال العام، إلا بطلب من الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته رئيسا للنيابة العامة بناء على إحالة من المجلس الأعلى للحسابات، أو بناء على طلب مشفوع بتقرير من المفتشية العامة للمالية أو المفتشية العامة للإدارة الترابية أو المفتشيات العامة للوزارات أو من الإدارات المعنية، أو بناء على إحالة من الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها أو كل هيئة يمنحها القانون صراحة ذلك”.
وتؤكد الحكومة ممثلة في وزير العدل عبد اللطيف وهبي على عدم تغيير المادة، معتبرة أنها تعيد الاعتبار للعمل السياسي. وهو ما ينسحب على مسؤولين تضرروا منها حيث يقولون أنه تم جر العديد من المسؤولين إلى المتابعة أمام القضاء بسبب شكايات من جمعيات بتهمة “المساس بالمال العام”، ليحيل الوكيل العام الملف على النيابة العامة لفتح تحقيق مباشرة، ويتم البحث الذي يثير ضجة إعلامية كبيرة وتشهير بالمسؤول وفي النهاية يتضح أنه لا يوجد أدلة أو اثباتات تدين المسؤول، وهذا أمر غير مقبول لما يتعرض له المسؤول والأسر من ضرر وأذى بسبب هذه الشكايات.
وشدد وزير العدل خلال مناقشته لمشروع القانون أمام لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، أنه لن يقبل أي تعديل على المادة الثالثة، مؤكدًا أن محاربة الفساد لا يمكن أن تتم عبر “شكايات كيدية” من بعض الجمعيات التي وصفها بأنها تمارس الابتزاز. كما كشف عن تفكيره في منح رؤساء الجمعيات الترابية حق الامتياز القضائي، وهو ما أثار مزيدًا من الجدل.
وأوضح بأن المادة 3 تحمي الفاعلين السياسيين من التشهير والاتهامات العشوائية التي قد تؤثر على حياتهم السياسية والاجتماعية، قائلاً “حين تقديم شكاية بالفساد في حق أحدٍ فإنك تغتاله سياسيًا واجتماعيًا وعائليًا. بل إن بعض مقدمي الشكايات لا يكتفون بذلك، بل ينظمون ندوات صحافية تواكب التحقيق، مما يخلق محاكمات موازية في الإعلام قبل صدور أي حكم قضائي”.
وأضاف وزير العدل أن الدولة لا يمكن أن تسير عبر الوشايات والاتهامات غير المثبتة، مشيرًا إلى أن “بعض الجمعيات التي ترفع شعارات محاربة الفساد تعيش في فيلات فاخرة، ما يطرح تساؤلات حول مصادر تمويلها”.
غير أن المعارضة لا تتفق مع وجهة النظر هذه ما تسبب في انقسام كبير داخل البرلمان، حيث أيد نواب من حزب الأصالة والمعاصرة وأحزاب الأغلبية موقفه، معتبرين أن المادة 3 ضرورية لوضع حد لما وصفوه بـ”العبث السياسي والتشهير العشوائي”، فيما رفضت المعارضة هذا الطرح، معتبرة أن القَسَم بعدم تعديل المادة يتجاوز دور المؤسسة التشريعية.
وترى المعارضة أن التبليغ عن الفساد وقضايا المال العام مسألة ينبغي أن تبقى متاحة للجميع، للحفاظ على دور وفعالية الجمعيات والمجتمع المدني.
وعلّق عبد الله بووانو، رئيس المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، على تصريحات الوزير قائلًا “القَسَم بعدم قبول أي تعديل يتجاوز المؤسسات، ومنها المؤسسة التشريعية… ينبغي فتح نقاش جدي حول المادة 3، لا أن نغلق الباب أمام التعديلات”.
كما شدد بووانو على ضرورة احترام الفصل 12 من الدستور، الذي ينص على دور الجمعيات في متابعة الشأن العام وتقييم السياسات العمومية، معتبرًا أن المادة 3 بصيغتها الحالية قد تتعارض مع هذا المبدأ الدستوري.
في المقابل، دافع أحمد التويزي، رئيس فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب، عن موقف وزير العدل، معتبراً أن المادة 3 تحمي المسؤولين العموميين من حملات التشهير والاتهامات غير المثبتة، قائلًا أن “جمعيات محاربة نهب المال العام بعضها لديها توجه خبيث لضرب الأسس، وهو ضرر لا يُقدَّر في حالة تشويه تجربة المغرب في الديمقراطية المحلية وتدبير المجالس الترابية”.
كما دعا التويزي إلى تقوية أجهزة الرقابة الرسمية، مثل المجلس الأعلى للحسابات والمفتشيات العامة لوزارة الداخلية والمالية، عوض ترك المجال مفتوحًا أمام الجمعيات لتقديم الشكايات دون ضوابط.
والتويزي سبق أن برأه قسم جرائم الأموال بمحكمة الاستئناف بمراكش من التهم التي لاحقته بناء على شكوى قدمتها جمعية لحماية المال العام، بعد سلسلة من الجلسات الطويلة.
واعتبر أن الوقت قد حان لإنهاء “الفوضى” و”الابتزاز” الذي تمارسه جمعيات حماية المال العام المنتشرة في مختلف ربوع المملكة، على حد وصفه.
أما وجهة نظر المجتمع المدني، فيرى متابعون للقضية بأن التبليغ عن الفساد وقضايا المال العام مسألة ينبغي أن تبقى متاحة للجميع، ففي منظومة قانونية متزنة وسليمة، يجب على الجميع تحمل مسؤولياته،
وفتح الباب على مصراعيه أمام الجميع للتبليغ، وبالتالي لا معنى لحصر هذه المسألة في النيابة العامة وغيرها من المؤسسات الرسمية.
ويرى متابعون أن الجدال بشأن القانون جزء من الحالة الصحية للديمقراطية والحسم في نهاية الأمر وفق التوافق بين الأطراف المختلفة على صيغة مناسبة لمصلحة البلاد بما ينسجم من الدستور المغربي.
الصالح نيوز :
جدال برلماني بشأن قانون التبليغ عن جرائم المال العام في المغرب
الصالح نيوز :
جدال برلماني بشأن قانون التبليغ عن جرائم المال العام في المغرب
#جدال #برلماني #بشأن #قانون #التبليغ #عن #جرائم #المال #العام #في #المغرب
