الرباط – تعمل الحكومة المغربية بجد على مواجهة أزمة البطالة حيث خصصت لذلك تمويلات هامة فيما يعتبر متابعون للشأن الاقتصادي المغربي وبرلمانيون ان الخطة ستكون لها تداعيات إيجابية على المدى المتوسط والطويل في مواجهة الظاهرة عبر خلق مزيد من فرص العمل.
وفي 13 فبراير/شباط الماضي، أطلقت الحكومة المغربية برنامجا بكلفة 1.4 مليار دولار لمحاربة البطالة في البلاد، بعد أن فاقت 13 بالمئة خلال 2024.
البرنامج يهدف، وفق الحكومة، إلى مكافحة التحديات التي تواجه سوق العمل، مع استمرار الجفاف للسنة السابعة تواليا، علما بأن الزراعة تشغل 40 بالمئة من اليد العاملة.
ولفت البرلماني خالد سطي إلى أن هذه النسبة من البطالة لم تشهدها البلاد منذ أزيد من عقدين، داعيا الحكومة لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتمكين الشباب من الاعفاءات الضريبية، وربط التعليم بسوق العمل.
وفي 3 فبراير/شباط الماضي أعلنت المندوبية السامية للتخطيط (رسمية) ارتفاع معدل البطالة ليستقر عند 13.3 بالمئة خلال 2024، مقارنة بـ13 بالمئة في 2023.
وبعد عشرة أيام، أعلن وزير التشغيل يونس السكوري، خلال اجتماع الحكومة، إطلاق برنامج لمحاربة البطالة بكلفة 1.4 مليار دولار موضحا أن البرنامج يهدف إلى “مواجهة التحديات المستجدة في سوق العمل، في العلاقة مع التغيرات المناخية التي أصبحت هيكلية”.
وجاء البرنامج “بعدما أجرت الحكومة استشارات موسعة وفق مقاربة تشاركية للقطاعات الإنتاجية والاجتماعية ومختلف الفعاليات، لا سيما أرباب العمل من خلال الاتحاد العام لمقاولات المغرب (أكبر تجمع للشركات في البلاد)”، حسب السكوري.
وذكر أن البرنامج يضم محاور مثل تشجيع الشركات الصغيرة والمتوسطة على توفير فرص عمل، وإعادة هيكلة البرامج النشطة للتشغيل وتوسيعها لتضم فئة غير حاملي الشهادات، عبر استهداف كافة فئات الباحثين عن العمل، عبر الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات (حكومية).
وبلغت بطالة الشباب في الفئة العمرية 15 – 24 عاما نحو 36.7 بالمئة، وبين حاملي الشهادات الدراسية 19.6 بالمئة، وفق المندوبية السامية للتخطيط.
وقال السطي إن مواجهة البطالة “مرتبط بكيفية تدبير (إدارة) الحكومة لإنتاج الثروة من خلال تحسينها لمؤشرات الاقتصاد والاستثمار المنتج لمناصب الشغل (فرص العمل)، ومدى القدرة على الاستثمار الاستراتيجي”.

وبالنسبة لتخصيص 14 مليار درهم (1.4 مليار دولار) لإنعاش سوق العمل، اعتبر سطي أن “الإشكال ليس في التمويل رغم أهمية الميزانية المخصصة” داعيا إلى أن “توجه الميزانية لمَن يستحقها، خاصة من الشباب العاطل”، واعتبر أن “الجفاف معطى بنيوي، وكل الحكومات تعاملت معه منذ سنين”.
وللعام السابع على التوالي يضرب الجاف المغرب، وأصبح أحد أهم التحديات التي تواجه القطاع الزراعي، المصدر الرئيسي لدخل 40 بالمئة من عمالة المملكة.
وتشكل الزراعة في المغرب العمود الفقري للاقتصاد بفضل مساهمتها الكبيرة في النمو، وارتباط قطاعات عديدة بها، خاصة الصناعات الغذائية التي يتم تصدير جزء كبير منها.
ووفق سطي “من الضروري إصدار تشريعات تدعم التحول الاقتصادي، وتشجع على خلق فرص عمل في القطاعات الجديدة، مع تشجيع التحول إلى الصناعات غير المعتمدة على المياه، مثل التكنولوجية والتصنيع والخدمات المالية”.
كما دعا إلى “تعزيز الصناعات التحويلية وتحويل المنتجات الزراعية إلى سلع مصنعة ذات قيمة مضافة، مثل تعليب الفواكه والخضروات، أو إنتاج الزيوت والأعلاف ودعم التعاونيات”.
وتشبه التعاونيات الشركات، إلا أنها معفية من الضرائب وتضم على الأقل 3 أفراد وأغلبيتها تهتم بالصناعة التقليدية..
وتابع البرلماني المغربي “يجب على الحكومة تقديم الدعم الحقيقي للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتمكين الشباب المعنيين من الاعفاءات الضريبية ومن قروض ميسرة”.
وشدد كذلك على ضرورة “الاستثمار في الطاقات المتجددة، والتي قد توفر مناصب عمل في مختلف العمليات المرتبطة بهذه الطاقات” مبرزا “ضرورة تشجيع الدولة البحث العلمي والتكوين المهني وربط التعليم عموما بسوق العمل، وإلزام الشركات المتوسطة والكبرى باستقطاب الطلاب في مناوبة بين التدريس والتشغيل، مع الاستفادة من امتيازات مزدوجة (للشركة وللطالب)”.
ودعا إلى “دعم وتشجيع المواطنين على السياحة الداخلية المتنوعة بين الثقافية والعلاجية والجبلية والصحراوية والساحلية، مما سيكون دافعا لتوفير مناصب شغل إضافية”.
ومن المنتظر، وفق بيان حكومي، الإعلان عن برنامج حكومي جديد لمحاربة البطالة، يستهدف سكان القرى، لاسيما صغار الفلاحين ومربي الماشية، عبر مشاريع محلية مُدرة للدخل، تثبت وتخلق فرص عمل.