بغداد – يعيد شمول أحد أبرز المتهمين في القضية المعروفة إعلاميا بـ”سرقة القرن” هيثم الجبوري المستشار السابق لرئيس الوزراء الأسبق مصطفى الكاظمي، بقانون العفو العام، إلى الأذهان المخاوف والتحذيرات من أن تفتح المبادرة التشريعية الجديدة التي أثارت جدلا واسعا بعد إقرارها، الباب واسعا أمام الإفلات من العقاب، خاصة في قضايا الفساد، ما ينسف الجهود المبذولة لمكافحة هذه الظاهرة.

ونقلت وكالة “شفق نيوز” الكردية العراقية عن عضو اللجنة القانونية النيابية في مجلس النواب العراقي محمد جاسم الخفاجي قوله “لم تتم مساندتنا عندما طلبنا تحصين القانون من هؤلاء المرتزقة الذين سرقوا أموال الشعب وتم اتهامنا بأننا ضد الأبرياء والمظلومين”.

ولطالما حذر حقوقيون ونشطاء من أن يؤدي قانون العفو العام الجديد إلى الإفراج عن المئات من المدانين في قضايا تتعلق بنهب المال العام، فيما أفاد عدد من النواب في وقت سابق بأن التشريع الجديد لن يشمل المتورطين في الفساد.

وذهب بعض المتابعين إلى القول إن القانون الجديد مفصل على مقاس الفاسدين بهدف إطلاق سراحهم رغم عدم تسوية وضعياتهم من خلال تسديد الأموال المختلسة.

ونشر الخفاجي طلبا يحمل توقيع القاضي خالد صدام رئيس محكمة جنايات مكافحة الفساد المركزية موجها إلى رئاسة محكمة استئناف بغداد الكرخ يفيد بشمول المحكوم الهارب هيثم رمضان عبد علي الجبوري بإجراءات قانون العفو العام وإيقاف الاجراءات القانونية بحقه نهائيا.

وكانت السلطات العراقية قد أعلنت في وقت سابق اختفاء الجبوري في ظروف غامضة بعد أن أوقف تسديد المبالغ التي لا يزال مطالبا بسدادها للدولة بموجب قرار قضائي.

وأعاد الجبوري مبلغ 2.6 مليون دولار من أموال وُجدت في حسابه بعد الكشف عن تورطه في قضية سرقة القرن.

وكان النائب المستقل ياسر الحسين قد أعلن في أوائل العام الجاري أن قانون العفو العام سيشمل المتورطين في سرقة القرن والعديد ممن صدرت بحقهم أحكام في قضايا فساد، ومن بينهم المتهم الرئيسي في القضية نور زهير ورائد جوحي وهيثم الجبور.

وكان البرلمان العراقي قد أقر في 21 يناير/كانون الثاني ثلاثة قوانين جدلية في إطار سلة واحدة تشمل تعديل قانون العفو العام وتعديل قانون الأحوال الشخصية وقانون إعادة العقارات لأصحابها في كركوك، لكن العشرات من النواب اعترضوا على إقرار القوانين الثلاثة وقاطعوا الجلسة ثم قدموا طعنا لدى المحكمة الاتحادية العليا التي أصدرت بدورها أمرا ولائيا بإيقاف تنفيذ هذه القوانين.

‎وأصدر مجلس القضاء الأعلى فتوى للمحاكم العراقية بالمضي في تنفيذ القوانين التي يشرعها مجلس النواب، فيما عادت المحكمة الاتحادية في 4 فبراير/شباط الماضي قررت إلغاء الأمر الولائي الذي أصدرته سابق بشأن إيقاف العمل بقوانين “السلة الواحدة”.

وتفجرت قضية “سرقة القرن” في خريف عام 2022 عندما تم الكشف عن سرقة أكثر من  أكثر من ثلاثة تريليونات دينار عراقي (2.5 مليار دولار)، من الأمانات الضريبية، عبر ائتلاف مكون من خمس شركات نفطية بواسطة صكوك وهمية.

وفي 24 أكتوبر/شرين الأول من السنة نفسها تم إلقاء القبض على نور زهير، كونه يرأس مجلس إدارة إحدى الشركات المتورطة في القضية، ثم أطلق سراحه لاحقا بكفالة، بعد إعلان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني استعادة  5 بالمئة من المبلغ، مقابل تعهد نور زهير بتسليم كامل المبالغ خلال أيام.

وحددت محكمة مكافحة الفساد في 14 أغسطس/آب 2024 موعدا لمحاكمة نور زهير، إلا أن المحاكمة أُجلت عدة مرات بسبب عدم حضور المتهم.

وفي 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، أصدرت محكمة جنايات الكرخ المختصة بقضايا الفساد المالي حكما غيابيا بالسجن 10 سنوات بحق نور زهير و6 سنوات بحق المتهم رائد جوحي، بالإضافة إلى موظفين آخرين متورطين في الجريمة.

وتواجه حكومة السوداني انتهامات بالفشل في مكافحة الفساد المتفشي في البلاد، في وقت يؤكد فيه نشطاء ومتابعون أن العقوبات غالبا ما تستهدف المستويات المتوسطة في الدولة أو المدراء البسطاء، ونادرا ما تشمل كبار الفاسدين.