طرابلس – أعلن مسعود سليمان رئيس المؤسسة الوطنية للنفط المكلف في ليبيا في كلمة أذاعها التلفزيون الاثنين أن بلاده تعتزم إطلاق أول جولة عطاءات لاستكشاف النفط منذ أكثر من 17 عاما، في خطوة تهدف لزيادة الإنتاج لكنها ستثير أطماع قوى متدخلة في الشأن الداخلي الليبي خاصة تركيا التي عقدت العديد من الاتفاقيات في مجال الطاقة لنهب الثروات النفطية الليبية.

وتهدف ليبيا من وراء هذه الجولة تعزيز قطاع النفط وجلب مزيد من الإيرادات في بلد يحتاج لموارد هامة لتمويل جهود إعادة الاعمار بعد حرب مدمرة، بينما يتطلع الليبيون لتوحيد مؤسسات البلاد والمرور نحو اجراء الانتخابات لكن هذه الثروات كانت جزءا كذلك من تمويل الصراعات الداخلية من خلال دعم المجموعات المسلحة.
ويعبر عدد من الليبيين عن مخاوفهم من حصول صراعات إقليمية بشأن هذه العطاءات حيث لا تخفي قوى متنفذة في البلاد اطماعها من أجل السيطرة على الثروات النفطية خاصة أنقرة التي سعت خلال السنوات الماضية لعقد اتفاقيات أضرت بمصالح الشعب الليبي.

ويطالب الليبيون بتحقيق الشفافية فيما يتعلق بالايرادات النفطية خاصة وان البلاد شهدت الكثير من ملفات الفساد المرتبطة بقطاع النفط والتي تورطت فيها بالخصوص قيادات الميليشيات والمجموعات المسلحة.
وفي أكتوبر/تشرين الاول 2022، وقعت ليبيا وتركيا اتفاقية لتعزيز التعاون في مجالات النفط والغاز. تهدف هذه الاتفاقية إلى تطوير التعاون الثنائي العلمي والفني والتكنولوجي والقانوني والإداري والتجاري في مجال النفط والغاز البري والبحري. جاءت هذه الاتفاقية بعد مذكرة تفاهم سابقة في نوفمبر/تشرين الثاني 2019، بينت الحدود البحرية بين تركيا وليبيا في البحر الأبيض المتوسط، ومهدت الطريق لزيادة التعاون الأمني والعسكري بين البلدين.
من جانبه وجه رئيس حكومة الوحدة عبدالحميد الدبيبة رسالة لليبيين بدعم مؤسسة النفط محذرا من توقف انتاج الكهرباء بسبب عدم تطوير قطاع الغاز مطالبا بتطوير حقول النفط قائلا “نريد تطوير حقول النفط سواء لان البلاد بحاجة لزيادة انتاج الطاقوة ودعم الاستكشافات الجديدة.

وسعت العديد من القوى الليبية لاستغلال الثروات النفطية ليس في البناء والتشييد وإعادة الاعمار لكن في تمويل الحروب والصراعات الداخلية ناهيك عن تهم الفساد التي ارتبطت بهذا القطاع الحيوي.
وليبيا هي ثاني أكبر منتج للنفط في أفريقيا وعضو في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك).
ولدى المستثمرين الأجانب مخاوف من ضخ أموال في ليبيا التي تعيش حالة من الفوضى منذ الإطاحة بمعمر القذافي في عام 2011. وكثيرا ما أدت النزاعات بين الفصائل المسلحة المتنافسة على عائدات النفط إلى إغلاق حقول النفط.
وفقدت ليبيا في أغسطس/آب أكثر من نصف إنتاجها النفطي، أي نحو 700 ألف برميل يوميا، وتوقفت الصادرات في عدة موانئ عندما احتدمت مواجهة بين فصائل سياسية متنافسة حول منصب محافظ مصرف ليبيا المركزي مما كان نذيرا بإنهاء سلام نسبي امتد لأربع سنوات.
واستمرت عمليات الإغلاق لما يزيد على شهر قبل أن يتم استئناف الإنتاج تدريجيا اعتبارا من أوائل أكتوبر تشرين الأول.
لم يمنع ذلك شركات النفط الكبرى إيني وأو.إم.في وبي.بي وريبسول من استئناف أنشطة التنقيب في ليبيا العام الماضي بعد توقفها لعشر سنوات. ووقعت شركة إيني الإيطالية بالفعل في عام 2023 اتفاقا لإنتاج الغاز بقيمة ثمانية مليارات دولار مع المؤسسة الوطنية للنفط الليبية.
وقال وزير النفط المكلف في ليبيا خليفة عبدالصادق في يناير/كانون الثاني إن بلاده بحاجة لما يتراوح بين ثلاثة وأربعة مليارات دولار للوصول إلى معدل إنتاج نفطي يبلغ 1.6 مليون برميل يوميا.
ووفقا للمؤسسة الوطنية للنفط، يتجاوز إنتاج البلاد الحالي من النفط الخام 1.4 مليون برميل يوميا، أي أقل بنحو 200 ألف برميل يوميا من أعلى مستوياته قبل الحرب. وليبيا معفاة من اتفاقات أوبك+ لخفض الإنتاج.