التخطي إلى المحتوى

الصالح نيوز :
معن علي يرسم قصائد جريئة غنية بالموسيقى والأحاسيس والتأمل والخيال

الصالح نيوز : 
  معن علي يرسم قصائد جريئة غنية بالموسيقى والأحاسيس والتأمل والخيال
الصالح نيوز :
معن علي يرسم قصائد جريئة غنية بالموسيقى والأحاسيس والتأمل والخيال


الصالح نيوز :
معن علي يرسم قصائد جريئة غنية بالموسيقى والأحاسيس والتأمل والخيال

معن علي يرسم قصائد جريئة غنية بالموسيقى والأحاسيس والتأمل والخيال

غريب ملا زلال 

من خلال إبحاري في أعمال ابن مدينة السلمية خرجت بكنوز لم أكن أتوقعها، إذ وجدت نفسي أمام فنٍّ حقيقي يذهل ويدهش يجعلك تخلع عنك كل أثقالك وتمضي في عوالمه حافياً.كأنك في محراب مقدس.

العمل الفني ذكي جداً، بل أذكى من صاحبه، الذي ما إن ينتهي منه حتى يركن نفسه إلى تأملات تستوطن دواخله، منتشياً بصمت بتلك التأملات العميقة التي ترافق عوالمه الداخلية، فتجذبه إلى الإيغال في متاهات الخلق والإبداع. أما العمل الفني ذاته، فيبدأ بالضجيج والحياة، جاذباً أي عابر سبيل ليغرقه في التأمل والبحث عن إجابات لتساؤلات لا تحصى، ولا ينفك يتلقى الإضافات والتعديلات والتحويرات من الجميع، مستوعباً إياها بمرونة، قادراً على امتصاصها بمختلف رؤاها وأفكارها وأشكالها. فالإنتاج هنا لا يُقيَّد بقالب حكائي معين، بل هو منفتح ومتفاعل مع الآخرين وثقافاتهم.

نعم، العمل الفني ذكي جداً، سواء في إشاراته ودلالاته، أو في سجالاته التي تدور بينه وبين ذاته، أو بينه وبين الآخرين، أو حتى في السجالات التي يثيرها بين المتلقين. أقول هذا وأنا أبحر في أعمال الفنان التشكيلي معن علي سعيد، ابن مدينة السلمية، المدينة التي أعتبرها على الدوام توأمةً لمدينة عامودا، فكلاهما ينبض بالحركة الثقافية والإبداع في مجالات الشعر والمسرح والتشكيل والموسيقى وغيرها.

من خلال إبحاري في أعماله، خرجت بكنوز لم أكن أتوقعها، إذ وجدت نفسي أمام فنٍّ حقيقي يذهل ويدهش، يجعلك تخلع عنك كل أثقالك وتمضي في عوالمه حافياً، كأنك في محراب مقدس. لقد أسرتني أعماله وأيقنت أن الفن ما زال بخير، وأن هناك من يُصرُّ على إنتاج الجمال بسلطانه وتاجه، وأن الفن يستحق أن يكون ثروتنا الأغلى والأبقى. ورغم الظروف القاسية التي مرت وتمر بها البلاد، لا يزال هناك من يدرك قيمة هذه الثروة ويسعى إلى إنتاجها لتكون خالدة وفاعلة وشاهدة على ما يحصل من مآسٍ وأحداث مريرة لا تخلو من العنف. وهذا ما يجعل النتاج الثقافي يظل في حالة تصالح مع ذاته، حيث البحث عن الإنسان وإنسانيته يُترجم بأشكال غير مألوفة حين تضطر الذات المبدعة إلى خلق نفسها بلغتها الخاصة، لا سيما إن كانت هذه اللغة ألواناً لكل منها حقلها الجمالي والمعرفي، مما يمنحها مصداقية إبداعية وتاريخية واجتماعية.

الفنان معن سعيد لا يستخدم لغة الظالم لتوثيق وحشيته، بل يعتمد لغةً إشكاليةً تحافظ على بنية العمل وتوازناته الدقيقة. التخييل الذي يلجأ إليه ليس لإيهام المتلقي بالموضوعية أو لمنح العمل مصداقية زائفة، بل لجعله محفزاً يدفع المتلقي إلى التفاعل معه، مما يسهل عملية القراءة والتأمل. وهذا يمنح العمل مسحةً جمالية تدفع المتلقي إلى التلذذ به والتنقيب في أسراره.

ورغم قسوة الحياة وفقدان أبجديتها، لم يستكن الفنان الحقيقي ولم يتعب، بل ظل مستمراً في الإنتاج، له رؤيته الخاصة بالأشياء، فاعلاً فيها وشاهداً عليها، تاركاً بصمته على متغيراتها. معن سعيد يرتقي بعمله إلى مستوى الإبهام والتعميم، فلا يسمي الأشياء بأسمائها، بل يترك للمتلقي حرية تأويلها، ليصبح شريكاً في إنتاج المعنى وبث الحياة في العمل.

على مستوى اللغة التشكيلية التي يوظفها سعيد، فهي تدعم نزعاته الفنية وتساهم في تشكيل أسلوبه الذي ينخرط في السياق العام لمنتجه. فهي مقطوعات غير مبهمة تماماً، بل تحمل إلهاماً يسمح بخلق صياغات جمالية تقوم على التأمل والوصف والتجريد الذهني. وهذا ما يجعل أعماله تتسم بالتجريد والإيحاء، رغم قدرته على استيعاب نصه وامتصاصه ضمن نسيجه التعبيري.

يبدو سعيد بارعاً في استدعاء العناصر التي تخدم رؤيته، كالموسيقى التي تضفي على عمله بُعداً خاصاً، حيث تتقاطع الصور مع شغف الإنسان بأدواته وما يحب، كما تعكس في الوقت ذاته القلق والخوف والمصير المجهول. إنه فنان يمتلك ذاكرة حية تسترجع مشاهد العذاب والآلام، وتعبر عنها بألوانه، لتتحول إلى أعمال تنطق بوجع كبير. وهو في ذلك يعوّل على المتلقي الخبير القادر على فك شيفرات خطابه الإبداعي، حيث تبدأ عملية رفع الستار عن غموضه وكشف معانيه العميقة.

معن سعيد لا ينخرط في المباشرة والمضجر، بل يبدأ بخلق تكوينات لونية وشكلية، وحين يكتمل العمل من الناحية الفنية، يقوم بتحميله ما يشاء من الموضوعات، سواء أكانت تنديداً بظلم ما، أم تجسيداً لحالات عشق، أم توثيقاً للحياة والموت، أم بحثاً عن الجمال وسط الألم. ولهذا جاءت أعماله متوازنة بين الجمال والقوة، فهي قصائد جريئة غنية بالموسيقى والأحاسيس والتأمل والخيال.

معن سعيد، ابن مدينة السلمية، حماه، المولود عام 1966، بدأ علاقته مع الرسم منذ الصغر، وكان أول دفتر رسم له مقعد الدراسة في الابتدائية، حيث كان يحاول رسم الطبيعة والأشخاص والطيور. في الإعدادية، شجعه الأستاذ الفنان المرحوم ناصر الشعار، وكان للفنان رياض الشعار تأثير كبير عليه.

وهو عضو في اتحاد الفنانين التشكيليين في سوريا – فرع حماه، وعضو في نقابة فناني الشارقة، وعضو في “بصمة فن” لفناني السلمية المتحدين. قدم العديد من المعارض الفردية والجماعية في السلمية ودمشق والشارقة وأربيل في كردستان العراق. وكان معرضه الفردي الأول عام 2010 بعد تقاعده من وظيفته، وكان حينها في الخامسة والأربعين من عمره . 

الصالح نيوز :
معن علي يرسم قصائد جريئة غنية بالموسيقى والأحاسيس والتأمل والخيال

الصالح نيوز :
معن علي يرسم قصائد جريئة غنية بالموسيقى والأحاسيس والتأمل والخيال
#معن #علي #يرسم #قصائد #جريئة #غنية #بالموسيقى #والأحاسيس #والتأمل #والخيال