الصالح سبورت : أرنولد في ريال مدريد.. فريق نجوم العالم أم مغامرة محفوفة بالمخاطر؟

ترينت ألكسندر أرنولد.. حامل الكرات الذي جرى للمرة الأولى خلف الكرة وهو يحمل على صدره قميصِ أحمر، مرصعًا بطائر الليفر الأسطوري، جلس مستندًا على الكرة مرارًا في مباريات فريقه العريق يشاهده ويتمعن من كباره حتى تشبع من تمريرات أسطورته جيرارد واحتفل بشغف لا مثيل له مع كل هدفِ سجله توريس حتى أصبح بين قادة ليفربول الذي اغرم به صغيرًا حتى أصبح اسمه ضمن أنشودة يتغنى بها شعب تلك المدينة العجيبة بالكامل.

لكن رغم كل هذا العشق لقميص ليفربول، ورغم كل تلك الذكريات التي شكلت شخصيته الكروية، فإن عالم كرة القدم لا يعترف بالعاطفة وحدها. فالموهبة وحدها لا تكفي، والطموح قد يقود صاحبه إلى طرق لم يكن يتخيلها يومًا.

اليوم، ترينت ألكسندر أرنولد لم يعد مجرد ذلك الطفل الحالم الذي يجري وراء الكرة في ممرات “أنفيلد”، بل أصبح نجمًا عالميًا يضع اسمه بين الأفضل، ويجذب اهتمام أكبر الأندية على الإطلاق، وعلى رأسهم الملكي ريال مدريد.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل يمكن أن يكون أرنولد هو الحلقة الجديدة في سلسلة أساطير ريال مدريد؟ هل يمتلك ما يكفي من الجودة والتكتيك ليتألق في البرنابيو، كما فعل في أنفيلد؟

من الأفضل دفاعيًا؟.. الأرقام لا تكذب

عندما نقارن الأداء الدفاعي لترينت ألكسندر أرنولد مع أظهرة ريال مدريد هذا الموسم، تظهر لنا فجوة واضحة في عدة جوانب، سواء من حيث عدد المرات التي تم تجاوزه فيها بالمراوغة، أو الأداء في الثنائيات الأرضية والجوية.

عدد المرات التي تم مراوغة أرنولد مقارنة بأظهرة ريال مدريد (الدوري ودوري الأبطال 2023/24)

فمثلًا: تعرض أرنولد للمراوغة هذا الموسم في بطولتي الدوري الإنجليزي ودوري أبطال أوروبا مع ليفربول في 33 مباراة (حتى مواجهة نيوكاسل بتاريخ 26 فبراير 2025) إلى 58 مراوغة!

إذا نظرنا إلى عدد المراوغات التي تعرضت لها أظهرة ريال مدريد مجمعة في (داني كارفخال – فران جارسيا – فيرلاند ميندي – لوكاس فاسكيز) سنجد أنهم معًا تمت مراوغتهم 43 مرة.

أي أن أظهرة ريال مدريد معًا تعرضوا لمراوغات أقل بـ 14 مرة من ترينت ألكسندر أرنولد بمفرده! وهي احصائية نوعًا ما مُقلقة.

عدد المرات التي تم مراوغة أرنولد منذ بداية موسم 2023/24 (الدوري فقط)

إذا رجعنا بالزمن للوراء قليلًا، سنجد أن أرنولد وحده تمت مراوغته 110 مرة منذ بداية موسم 2023/2024 وحتى الآن في مشاركاته مع ليفربول في بطولة الدوري الإنجليزي فقط!

أما أظهرة ريال مدريد مجمعة في نفس الفترة الزمنية، تمت مراوغتهم 84 مرة، أقل من ترينت ألكسندر أرنولد بمفرده.

التحامات هوائية ناجحة منذ بداية موسم 23/24 في (الدوري فقط)

هنا تحديدًا سنجد أن اثنين من أظهرة ريال مدريد أفضل من أرنولد، تحديدًا داني كارفخال ومن بعده فران جارسيا، بينما أقلهم هما: لوكاس فاسكيز وميندي.

التحامات أرضية ناجحة منذ بداية موسم 23/24 في (الدوري فقط)

رغم تفوق ترينت ألكسندر أرنولد في الثنائيات الأرضية، إلا أن داني كارفخال ولوكاس فاسكيز يقتربان كثيرًا من أرقامه.

حيث فاز أرنولد بالتحامات أرضية في 164 مرة، ويأتي أقرب منافسيه من أظهرة ريال مدريد؛ فاسكيز الذي فعلها 157 مرة، ومن بعده مباشرة داني كارفخال فاز بـ 123 مرة.

إحصائيات فيدي فالفيردي منذ بداية الموسم الماضي في الدوري فقط

إذا كنت تعتقد أن أظهرة ريال مدريد هم العامل الحاسم دفاعيًا، فعليك التفكير مرة أخرى! خاصة وأن محصلة أرقام فالفيردي تقوله بأنه “وحش دفاعي”، ودوره في التغطية يجعل أظهرة ريال مدريد أكثر أمانًا مقارنة بليفربول.

إليك أرقام فيدي فالفيردي، الذي يلعب في خط الوسط، لكنه يتفوق حتى على معظم المدافعين في ريال مدريد وليفربول.

مقارنة بين محمد صلاح ورودريجو منذ بداية الموسم الماضي في الدوري

هنا ستقتصر المقارنة بين محمد صلاح من ليفربول ورودريجو جوس من ريال مدريد، لأن الثنائي يلعب كـ جناح أيمن للتركيز على مدى تأثير الدفاع على الهجوم الناجم من الناحية اليمنى بالتحديد.

سنجد تفوق محمد صلاح على رودريجو بشكل ملحوظ حيث استرد الكرة 160 مرة وتمت مراوغته فقط 20 مرة في 59 مباراة.

وفي عدد مباريات أقل (56) استرد رودريجو الكرة 108 مرة، فيما تمت مراوغته 25 مرة! ما يعني تفوق صلاح على رودريجو هجوميًا وأيضًا دفاعيًا.

ماذا تقول الارقام؟

الخلاصة، أن ترينت ألكسندر أرنولد هو الأضعف بين الجميع من حيث المراوغات التي تعرض لها والثنائيات الهوائية.

كما أوضحت الأرقام أن أظهرة ريال مدريد مجتمعين أكثر استقرارًا في الأداء الدفاعي، ويتميز كارفخال وميندي بالقوة في المواجهات المباشرة.

أما السر الحقيقي في قوة ريال مدريد الدفاعية، يكمن في “فيدي فالفيردي” حيث يساهم بأرقام مذهلة في الافتكاك والاسترداد.

هل تنجح ثنائية أرنولد وفالفيردي في ريال مدريد؟

ربما سنكون على موعد مع ثنائية مثيرة للغاية إذا اجتمع ترينت أرنولد مع فيدي فالفيردي في ريال مدريد، فقط يعتمد نجاح تلك الثنائية على كيفية توزيع الأدوار بينهما، بحيث هل سيعتمد كارلو أنشيلوتي على أرنولد كظهير هجومي، أم سيمنحه دورًا في وسط الملعب؟

السيناريو الأول يقول: إذا لعب أرنولد كـ ظهير أيمن وفالفيردي جناح هجومي أو وسط متقدم

ترينت ألكسندر أرنولد كظهير أيمن هجومي، يتقدم لصناعة اللعب من الطرف ويقوم بالتمريرات العرضية والتوزيعات الطويلة، في هذه الحالة سيلعب فالفيردي كجناح أيمن بمهام مزدوجة، من خلال العودة للدفاع لمساندة أرنولد عند الحاجة، ويتقدم ليخلق المساحات ويدخل العمق في حالة الهجوم.

في هذه الحالة سيعتمد أرنولد على تمريراته الطولية لخلق الفرص لفينيسيوس ورودريجو ومبابي، أما فالفيردي الذي يتميز بقوته البدنية وسرعته سيغطي المساحات خلف أرنولد عندما يتقدم للأمام. لكن سيضطر ريال مدريد لتغيير خطته أحيانًا 3-2-4-1 أثناء الاستحواذ، حيث يدخل أرنولد إلى العمق كلاعب وسط إضافي.

من إيجابيات اللعب بهذه الطريقة، هو أنه سيسمح لريال مدريد اللعب بأسلوب هجومي قوي من الجهة اليمنى، بخلاف ذلك سيضمن توازن الفريق لأن فالفيردي يمتلك القدة على الدفاع ما يعني تعويض أرنولد عندما يتقدم للأمام. كما أن هذه الطريقة تسمع بوجود صانع ألعاب إضافي من الخلف.

لكن لسوء الحظ، هذه الطريقة ستجعل دفاع ريال مدريد مُباحًا ومكشوفًا إذا لم ينجح فالفيردي في العودة لتغطية المساحات، خاصة وأن بعض الأندية التي تعتمد على المرتدات ستعمل على استغلال المساحات خلف أرنولد لضرب دفاع الميرنجي.

السيناريو الثاني يقول: ماذا لو تبادل أرنولد وفالفيردي الأدوار وفقًا لمجريات المباراة.

بما أن كارلو أنشيلوتي يعشق المرونة التكتيكية، إذا سيُغرم بهذا السيناريو في مباريات عديدة، بحيث أثناء الاستحواذ، يدخل ترينت إلى خط الوسط، ويصبح فالفيردي جناح مساند، وعند فقدان الكرة يعود أرنولد إلى مركز الظهير، ويتحول فالفيردي إلى وسط دفاعي لمساندته.

ربما يمنح هذا السيناريو ريال مدريد القدرة على التكيف مع ظروف كل مباراة يخوضها، ويجعل الفريق أكثر مرونة تكتيكية.

في النهاية.. إذا أراد ريال مدريد الاستفادة القصوى من مهارات ترينت ألكسندر أرنولد، فإن تحويله إلى لاعب وسط هو الخيار الأفضل، لكن إذا كان الهدف تعزيز الجبهة اليمنى، فإن اللعب به كظهير مع فالفيردي أمامه سيكون خيارًا ممتازًا بشرط وجود دعم دفاعي كافٍ.

ماذا لو لعب أرنولد في خط وسط ريال مدريد؟

هناك سيناريو مثير قد يحدث إذا قرر أنشيلوتي تحويل أرنولد إلى لاعب وسط، وهو مركز أظهر فيه بعض اللمحات الرائعة مع ليفربول.

ففي ليفربول، أصبح أرنولد يلعب أحيانًا كلاعب وسط إضافي أثناء الاستحواذ، حيث يدخل للعمق لمساعدة الفريق في الهجوم، لكن في ريال مدريد، هناك بعض التحديات من أجل ذلك.

فمثلًا: ريال مدريد يعتمد على أظهرة أكثر صلابة دفاعيًا (مثل: كارفخال وميندي)، بينما أرنولد نقطة ضعفه الكبرى هي الدفاع.

لكن وجوده كظهير أيمن سيحتاج إلى تغطية كبيرة، إما من لاعب وسط قوي مثل: فالفيردي، أو من قلب الدفاع.

وإذا لعب أرنولد كظهير هجومي، سيكون الفريق بحاجة كبيرة إلى فالفيردي على اليمين لمساعدته دفاعيًا، تمامًا كما يفعل مع كارفخال.

وبما أن أرنولد تمت مراوغته 111 مرة في 54 مباراة منذ الموسم الماضي، مقارنة بـ كارفخال الذي تعرض للمراوغة في 22 مرة في 36 مباراة ، في هذه الحالة، إذا لعب أرنولد كظهير، فسيكون ريال مدريد مكشوفًا دفاعيًا، وسيتطلب الأمر تغطية مستمرة من فالفيردي أو لاعب وسط آخر.

أما إذا لعب في خط الوسط بجوار مواطنه جود بيلينجهام، يمكنه استلام الكرة من الدفاع وصنع تمريرات طولية دقيقة للأجنحة أو المهاجمين، خاصة وأن أرنولد يتميز بدقة تمريراته الطولية قد تلعب دور قاتل في الهجمات المرتدة للميرنجي في ظل وجود ثلاثي ناري في المقدمة؛ فينيسيوس ومبابي ورودريجو.

كما ستتيح له ثنائيته مع بيلينجهام حرية أكبر في التحرك للأمام. لذا ستكون ثنائية أرنولد وبيلينجهام في خط الوسط مثيرة للغاية، لكن سيتطلب الفريق لاعب ارتكاز قوي لحمايتهم دفاعيًا.