التخطي إلى المحتوى

الصالح نيوز :
ملحمة نقل معبد أبو سمبل الكبير تحت الضوء بمناسبة ظاهرة تعامد الشمس

الصالح نيوز : 
  ملحمة نقل معبد أبو سمبل الكبير تحت الضوء بمناسبة ظاهرة تعامد الشمس
الصالح نيوز :
ملحمة نقل معبد أبو سمبل الكبير تحت الضوء بمناسبة ظاهرة تعامد الشمس


الصالح نيوز :
ملحمة نقل معبد أبو سمبل الكبير تحت الضوء بمناسبة ظاهرة تعامد الشمس

ملحمة نقل معبد أبو سمبل الكبير تحت الضوء بمناسبة ظاهرة تعامد الشمس

عالم الآثار المصرية والأستاذ في جامعة القاهرة شريف شعبان يحدثنا حول تحديات العملية وما واجهه المهندسين والمختصون حول العالم والفكرة الأساسية من البناء والدول المساهمة في إنقاذ هذا الصرح التاريخي الكبير.

رامي فارس الهركي

القاهرة

يعد معبد أبو سمبل الكبير، الواقع في النوبة بالقرب من الحدود الجنوبية لمصر، من بين المعالم الأكثر روعة في مصر والعالم. بناه الملك رمسيس الثاني من الأسرة التاسعة عشرة حوالي عام 1264 قبل الميلاد، ويعد مثالاً حياً للهندسة المتبعة في بناء المعابد والصروح الفرعونية في مصر القديمة بعد الأهرامات.

من الصعب التصديق أنه تم نقل المعبد من موقعه الأصلي إلى موقع آخر، وذلك لعدة أسباب أهمها ضخامة البناء والكتل الصخرية العملاقة المستعملة في تشكيله والتي تصل إلى آلاف الأطنان، بالإضافة إلى التماثيل العملاقة والرسومات والكتابات الهيروغليفية التي دونها بناة المعبد قبل آلاف السنين. لكن، ومع تكاتف الجهود الدولية والمحلية، تم نقل المعبد بالكامل إلى موقع آخر بعد أن استشعر الجميع الخطورة الكبيرة المحيطة به، مما استدعى نداء عاجلاً إلى منظمة اليونسكو وجميع مهندسي وعلماء الآثار حول العالم.

يحدثنا الدكتور شريف شعبان، عالم الآثار المصرية والأستاذ في جامعة القاهرة، في هذا الحوار حول الملحمة التاريخية الخاصة بعمليات نقل معبد أبو سمبل والفكرة الأساسية من البناء وأهم التحديات التي واجهت المهندسين وعلماء الآثار حول العالم والدول المساهمة في إنقاذ هذا الصرح التاريخي الكبير.

كيف استشعر علماء الآثار في مصر والعالم بالخطورة المحيطة بمعبد أبو سمبل؟

بدأت القصة في عام 1953، عندما قررت مصر في عهد الرئيس جمال عبد الناصر بناء سد جديد على نهر النيل بالقرب من أسوان، التي تقع على بعد حوالي 900 كيلومتر جنوبي العاصمة القاهرة. كان بناء السد العالي ضرورياً لتحقيق الرخاء الاقتصادي للشعب المصري. إلا أن لهذا السد الهام تبعاته السلبية، حيث يتطلب أن يكون خلفه بحيرة لتخزين مياه نهر النيل وهي بحيرة ناصر، التي يرتفع فيها منسوب الماء إلى 80 متر فوق سطح النهر. بينما أصبحت معابد النوبة واقعة تحت تهديد ارتفاع مياه البحيرة، فباكتمال بناء السد كان مجمع المعابد في أبو سمبل سيختفي في مياه الخزان الجديد إلى الأبد.

ما الفكرة التاريخية والدينية من بناء المعبد؟

معبد أبو سمبل في الأصل هو معبدين أنشأهما الملك الشهير رمسيس الثاني. كان المعبد الأساسي يعرف بالمعبد الكبير المخصص لرمسيس الثاني نفسه مع المعبودات رع حور آختي وبتاح وآمون، والاحتفال بذكرى انتصاره في معركة قادش ضد مملكة الحيثيين. والمعبد الصغير مخصص لزوجته الرئيسية الملكة نفرتاري لتجسد المعبودة حتحور.

بدأ بناء مجمع المعابد في حوالي عام 1264 ق.م واستمر حوالي 20 عامًا حتى عام 1244 ق.م. وكان الغرض الأساسي من إقامة معابد في النوبة هو استعراض قوة مصر السياسية ونفوذها الديني خلال عصرها الذهبي. فقد قام رمسيس الثاني بتنفيذ برنامج بناء واسع النطاق في جميع أنحاء مصر والنوبة، التي كانت تحت سيطرة مصر. وكانت النوبة ذات أهمية اقتصادية واستراتيجية للمصريين لأنها كانت مصدرًا للذهب والعديد من السلع التجارية الثمينة الأخرى. لذلك، بنى رمسيس العديد من المعابد الكبرى هناك من أجل إبهار النوبيين بقوة مصر وتمصيرهم.

ما الذي يميز هذا المعبد عن باقي المعابد في مصر؟

أجمل ما يميز المعبد الرئيسي تلك الواجهة الضخمة التي تمثل نوعاً من التناسق الإبداعي والانسجام الفني بين أجزائها والتوافق بين الأثر والبيئة المحيطة. تزدان الواجهة بأربعة تماثيل مهولة للملك رمسيس الثاني جالساً مرتدياً التاج المزدوج، منقوش على أكتافه وعلى صدره ألقابه. يصل طول الواحد منها 20 متر، منحوتة في كتلة واحدة من الحجر الرملي لتتناسب مع التصميم العام للواجهة وبحجم يجسد شموخه وعظمته وهو يطل على نيل مصر. وتعلو الواجهة تماثيل منحوتة في الصخر لقردة رافعة يديها مهللة لأشعة الشمس حين تشرق في الصباح، يبلغ عددها 22 قرداً، تعبر عن ساعات الليل والنهار البالغ عددها 24 ساعة، ولكن ضيق المساحة فرض على النحات المصري أن يختزل عددها إلى 22.

كيف انبثق قرار اليونسكو الخاص بإنقاذ المعابد؟

أرسلت الحكومة المصرية، ممثلة في الدكتور ثروت عكاشة وزير الثقافة، خطاباً رسمياً لهيئة اليونسكو في أبريل/نيسان عام 1959، طالبة العون الفني والعلمي والمالي لنقل المعابد وحمايتها من مياه السد العالي، والتنقيب عن كافة المناطق الأثرية في النوبة، وتسجيل كافة آثار النوبة تسجيلاً كاملاً. ومع قدوم عام 1960، بدأ سباق مع الزمن لإنقاذ معبدي أبو سمبل من الغرق، حيث لجأت مصر حينها إلى منظمة اليونسكو، مناشدة العالم المساعدة المالية والتقنية لإنقاذ مجمع المعابد ونقله. في نوفمبر/تشرين الثاني 1963، انطلقت حملة دولية مذهلة من باريس إلى العالم كله أدت إلى إنقاذ معبدي أبو سمبل بجنوب مصر من الغرق في مياه بحيرة ناصر والضياع للأبد. ولا تزال تلك الحملة الدولية بمثابة إنجاز تقني رائع ونقطة انطلاق لتطوير مفهوم التراث الثقافي العالمي لليونسكو. وتأتي إحدى نتائج نجاح تلك الملحمة في اعتماد اتفاقية اليونسكو للتراث العالمي في عام 1972، التي تتعلق بحماية الأصول الطبيعية والثقافية ذات القيمة العالمية الاستثنائية للبشرية جمعاء ووضعها على ما تعرف بقائمة التراث العالمي. ونظرًا لأهمية معبدي أبو سمبل، تم تسجيلهما على قائمة اليونسكو لمواقع التراث العالمي في عام 1979.

هل شكلت فكرة تقطيع المعبد ونقله كابوساً لعلماء الآثار المصرية حول العالم؟

كانت عملية نقل المعابد بمثابة تحدٍ عالمي وملحمة إعجازية تسطر في صفحات التاريخ. فقد نحتت التماثيل الضخمة للمعبدين ونقوشهما الفريدة في صخر صلب، ويصل عمق المعبدين إلى 60 مترًا داخل الصخر. ولهذا عندما بدأ العمل في إنقاذ المعبدين، ملئت مكوناتها بالراتنج الاصطناعي من أجل تقطيعها إلى 1036 قطعة قابلة للنقل، يصل وزن الواحدة منها أحياناً إلى 30 طنًا، وهو ما يمثل تحديًا تقنيًا هائلاً. وقد تم تقديم العديد من المقترحات لإنقاذ المجمع، حتى جاء يوم 17 نوفمبر/تشرين الثاني 1963، حين تم تكليف اتحاد شركات دولية بتفكيك المعبدين وإعادة بنائهما على تل قريب من بحيرة السد الجديد. وتم تركيب المعبد بدقة متناهية للحفاظ على ظاهرة تعامد الشمس على وجه تمثال رمسيس الثاني بالصالة الداخلية للمعبد مرتين في السنة، يوم ميلاده الموافق 21 أكتوبر/تشرين الأول، ويوم توليه العرش الموافق 21 فبراير/شباط. وتم ترحيل ميعادي التعامد يومًا بعد النقل ليكون 22 أكتوبر/تشرين الأول و22 فبراير/شباط من كل عام، نتيجة تحريك المعبد عن مكانه الأصلي لداخل الهضبة. وظهرت صعوبة النقل في الحفاظ على الزوايا الهندسية الفرعونية لتعامد الشمس، حيث تدخل أشعة الشمس من واجهة المعبد عبر فتحة ضيقة؛ لتتعامد على وجه تمثال رمسيس الثاني داخل قدس الأقداس في عمق المعبد.

ما هي أهم الاقتراحات التي طرحها العلماء حول العالم في سبيل إنقاذ المعبد؟

بدأ فريق عمل متعدد الجنسيات من علماء الآثار والمهندسين والجيولوجيين في العمل معًا لإنقاذ معبدي أبو سمبل. اقترح الخبراء الدوليون بعد عدة دراسات مشروعين لإنقاذ المعبدين: المشروع الأول الفرنسي وهو إنشاء سد صخري من الخرسانة والركام حول المعبدين، والمشروع الثاني للمهندس جازولا الإيطالي وهو رفع المعبدين كتلة واحدة لأعلى. استبعدت اللجنة الفنية مشروع إنشاء السد الصخري خوفًا من تسرب الماء إلى المعبدين، فضلاً عن أنه قد ينتج عن السد ارتفاع نسبة الرطوبة في المعبدين؛ لكون المعبدين في منخفض محاط بالماء مما يؤثر على نقوش المعبد وتماثيله، وارتفاع تكلفة بناء السد وحاجته إلى الصيانة الدورية لترميمه. وعليه استقرت اللجنة المكلفة من اليونسكو في يونيو/حزيران عام 1961 على المشروع الثاني، وهو رفع المعبدين بواسطة عزل المعبدين عن الجبل، وإنشاء صندوق خرساني فوق المعبدين، ثم رفع المعبدين بروافع هيدروليكية عملاقة بتكلفة تصل إلى 80 مليون دولار. ولكن لم يتم تنفيذ المشروع الثاني لعدم توافر التمويل المالي من جانب الدول المساهمة باليونسكو، والذي حال دون تنفيذه بحجة ارتفاع التكلفة وطلبت الدول المساهمة بالمنظمة البحث عن مشروع آخر أقل تكلفة.

كم يوم استغرقت عمليات نقل المعبد من مكانه الأصلي إلى مكانه البديل؟

بدأ إنقاذ معابد أبو سمبل في عام 1964، واستمرت العملية طيلة 4 سنوات حتى عام 1968. تم تقطيع الموقع كله إلى كتل كبيرة (تصل إلى 30 طناً وفي المتوسط 20 طناً)، وتم تفكيكها وإعادة تركيبها في موقع جديد على ارتفاع 65 متر و200 متر أعلى من مستوى النهر. تُعتبر واحدة من أعظم الأعمال في الهندسة الأثرية، حيث تم إنقاذ العديد من المعابد من مياه بحيرة ناصر.

ما هي الدول المشاركة في عمليات الإنقاذ؟

وصلت التبرعات للمشروع من أكثر من 50 دولة، حيث جُمع حوالي 80 مليون دولار. تم اختيار عدة شركات سويدية لتفكيك المعبدين وإعادة بنائهما في موقع أعلى وأبعد من موقعهما السابق. كما ساهمت ألمانيا بالعديد من المهندسين المخضرمين مثل المهندس المعماري الألماني بيتر جروسمان وكونراد مولر، صاحب أحد المصانع الحجرية وخبير المنحوتات الحجرية. وشارك متخصصون إيطاليون في نشر التماثيل الأربعة الضخمة الشهيرة في المنطقة الأمامية للمعبد الكبير بكل حرص وعناية. ولا يجب إغفال دور العمال المصريين الذين شاركوا في تلك الملحمة التاريخية. فعقد نقل المعبدين كان ينص على أن يكون سمك تقطيع أحجارهما لا يزيد عن 6 مم، ولكن العمال المصريين الذين عملوا بأيديهم لم يتجاوزوا سمك 4 مم، وهو ما أثار دهشة وإعجاب المهندسين الألمان المتخصصين في أعمال الترميم والآثار.

ما هي أهم المعابد الأخرى التي تم إنقاذها بعد معبد أبو سمبل في أسوان وكيف تم ذلك؟

لم يكن معبد أبو سمبل هو الوحيد الذي تم نقله. بل شملت العملية نحو 22 معبداً ضمن حملة التحالف. أهمها معبد عمدا الذي أنشأه الملك تحتمس الثالث بمساعدة فرنسا، ومعبد الدر للملك رمسيس الثاني اللذان تم نقلهما إلى منطقة عمدا الجديدة بالقرب من أسوان. كذلك معبد كلابشة الذي أقيم في عهد الإمبراطور الروماني أغسطس بمساعدة ألمانيا، ومعبدي جرف حسين المخصص للمعبود بتاح وبيت الوالي المخصص للمعبود آمون، الذي أنشأهما رمسيس الثاني، ونقل كل من كلابشة وجرف حسين وبيت الوالي إلى منطقة كلابشة الجديدة بالقرب من أسوان. هذا بالإضافة إلى معبد دكا من العصر اليوناني الروماني ومعبد وادي السبوع من عصر الملك رمسيس الثاني، اللذان تم نقلهما إلى منطقة وادي السبوع الجديدة 4 كم غربي الموقع الأصلي.

وهناك عدة معابد تم نقلها خارج مصر، مثل معبد دابود البطلمي الذي نقل إلى مدريد في إسبانيا، ومعبد دندور من العصر الروماني الذي نقل إلى متحف المتروبوليتان في الولايات المتحدة، ومعبد الطفة البطلمي الموجود حالياً في مدينة ليدن بهولندا، ومعبد الليسية من عهد الملك تحتمس الثالث الموجود الآن في مدينة تورين بإيطاليا، وبوابة معبد كلابشة المعروضة حالياً في المتحف المصري ببرلين في ألمانيا.

الصالح نيوز :
ملحمة نقل معبد أبو سمبل الكبير تحت الضوء بمناسبة ظاهرة تعامد الشمس

الصالح نيوز :
ملحمة نقل معبد أبو سمبل الكبير تحت الضوء بمناسبة ظاهرة تعامد الشمس
#ملحمة #نقل #معبد #أبو #سمبل #الكبير #تحت #الضوء #بمناسبة #ظاهرة #تعامد #الشمس

سوسيداد سوسيداد سوسيداد سوسيداد سوسيداد سوسيداد سوسيداد سوسيداد سوسيداد سوسيداد سوسيداد goals goals goals goals goals goals goals goals goals goals goals kora kora kora kora kora kora kora kora kora kora kora