بغداد – تظهر التحركات العراقية في الفترة الأخيرة سعي حكومة محمد شياع السوداني للقيام بدور دبلوماسي مهم في الشرق الأوسط، عززه التقارب مع السعودية وتمهيد الطريق للمصالحة بين الرياض والطهران، مع انفتاح حذر على حكام سوريا الجدد.

وقالت وزارة الخارجية العراقية الأسبوع الماضي إن العراق يرحب بدور السعودية في استضافة المحادثات بين الولايات المتحدة وروسيا. وأضافت أن الرياض قد تلعب أيضا دورا في المساعدة في إنهاب الحرب في أوكرانيا .

وشكرت بغداد “السعودية على استضافتها المحادثات” بين موسكو وواشنطن، وقالت إنها “خطوة مهمة نحو تعزيز الأمن والسلم على المستويين الإقليمي والدولي”. وأضافت أن المحادثات “أكدت التزام المملكة بدعم الجهود الدبلوماسية الرامية إلى حل النزاعات الدولية” و”تحقيق الاستقرار الإقليمي والدولي”.

وفي غضون ذلك، أجرى وزير الداخلية الإيراني إسكندر مؤمني محادثات مع رئيس الوزراء العراقي السوداني خلال زيارته الأخيرة لبغداد. وناقشا أمن الحدود ومكافحة تهريب المخدرات، حسبما ذكرت وكالة الأنباء الإيرانية (إرنا).

وأضافت أن “مومني الذي وصل إلى بغداد في وقت سابق اليوم في زيارة تستغرق يومين بدعوة رسمية من نظيره العراقي عبد الأمير كامل

كما تلوح بوادر انفتاح دبلوماسي مع سوريا الجديدة، بينما تظل الحسابات الإقليمية والتوازنات الداخلية تلقي بظلالها، حيث يعتزم وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني زيارة بغداد. وكان وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين دعا الشيباني لزيارة بغداد. لمناقشة “العلاقات الثنائية” و”التطورات السياسية والأمنية الإقليمية”.

وقال عضو لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب العراقي مثنى أمين في تصريحات لوسائل إعلام محلية إن “الزيارة ستتم بالتأكيد خلال هذا الأسبوع”، مضيفاً أنه من المتوقع أن يلتقي الشيباني عند وصوله مع السوداني وحسين وكبار المسؤولين الأمنيين لمناقشة الأمور الاقتصادية والسياسية والأمنية، وخاصة قضية معسكرات تنظيم داعش في سوريا ودور قوات سوريا الديمقراطية .

وفي أواخر يناير/كانون الثاني، استضافت العراق مسؤولين أتراكاً وسوريين لمناقشة الأمن الإقليمي. وفي أوائل فبراير/شباط، أعلنت تركيا والعراق وسوريا والأردن أنها ستعمل بشكل مشترك لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية.

وقد يكون لزيارة الشيباني، ومن ثم دعوة رئيس المرحلة الانتقالية أحمد الشرع إلى قمة بغداد، الدور الأبرز في تحديد العلاقة الدبلوماسية بين بغداد ودمشق للمرحلة المقبلة، خصوصاً أنها تتسم حالياً بفتور واضح، على الرغم من أن بغداد أبدت بعد سقوط نظام بشار الأسد رغبة واضحة بتعزيز العلاقات مع دمشق، إلا أن مواقفها اليوم تبدو غير واضحة وغير مستقرة بهذا الاتجاه.

وأفادت مصادر مطلعة بأن رئيس البرلمان محمود المشهداني، يقوم بوساطة بين تركيا وإيران بشأن مستقبل سوريا.

وأضاف المصدر إن “المشهداني حمل رسائل من القيادة التركية إلى المسؤولين الإيرانيين خلال زيارته الأخيرة لطهران، تتعلق برؤية أنقرة للمرحلة الانتقالية في سوريا، بما في ذلك آليات ضبط الأمن، ومستقبل العملية السياسية”.

يأتي ذلك في الوقت الذي أعلن فيه العراق أن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة يختتم حربه ضد تنظيم داعش.

واعتبر وزير الخارجية العراقي السابق والمتخصص في العلاقات الدولية هوشيار زيباري أن العراق، كدولة عريقة، يمتلك كل المقومات التي تؤهله للعب دور محوري في تهدئة وتسوية القضايا الإقليمية، لكن تحقيق هذا الدور يتطلب سياسة خارجية رصينة ومستقلة تعتمد على المصالح الوطنية، دون التوجه يميناً أو شمالاً بناء على ضغوط خارجية.

وأشار زيباري إلى أن قوة العراق في السياسة الإقليمية والدولية لا تنبع فقط من موقعه الجغرافي أو تاريخه، بل من وحدة الموقف الوطني الداخلي وقوة اقتصاده، وهذه العناصر إضافة إلى تعزيز “القوة الناعمة” تعد أساساً لتأثير بغداد في المنطقة ومبادرتها وريادتها في السياسة الخارجية.

ومع ذلك، رأى زيباري أن هناك مبالغة أحياناً في وصف دور العراق بالمحوري، فالدور الإقليمي والدولي له لن يكون فعالاً من دون وحدة داخلية وسياسات اقتصادية متينة، إضافة إلى دبلوماسية فعالة ترتكز على تحقيق الاستقرار الإقليمي والدولي.