دمشق – تظهر مشاهد الازدحام الشديد أمام الأفران في جميع المحافظات السورية حجم أزمة الخبز، حيث يضطر المواطنون للوقوف ساعات طويلة في طوابير للحصول على حاجتهم اليومية”، ما يعكس حجم التحديات الكثيرة لتوفير المادة الأساسية في البلاد بسبب تداعيات الصراع على إنتاج القمح واضطرابات سلاسل الإمداد، وارتفاع مستويات التضخم، وزيادة التكاليف، والنقص في المحروقات.

وسجلت سوريا مؤخرًا مستويات غير مسبوقة من انعدام الأمن الغذائي؛ ما دفع مكتب الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة إلى التحذير من تهديد خطير يحدق بالسكان، بسبب نقص الغذاء وتراجع إنتاج وتوريد القمح؛ ما يؤثر في توفر الكميات الكافية من الخبز في البلاد.

وتؤكد مصادر محلية أن معظم المخابز والصوامع والطواحين التي تم تقييمها لا تعمل أو تعمل جزئياً، مع حاجتها إلى تحديثات عاجلة في الآلات ودعم إضافي للمدخلات لتعزيز الكفاءة، وتمديد ساعات العمل، وتلبية احتياجات العرض.

وكان سعر ربطة الخبز خلال الفترة التي سبقت سقوط النظام 400 ليرة، وتضاعف 10 مرات حاليا ليصل إلى 4000 ليرة (نحو 0.3 دولار). كما تم تخفيض وزن الربطة بنسبة 20 في المئة من 1550 غرام إلى 1250 غرام.

وأضافت المصادر أن الدعم من السلطات المحلية غير كاف أو مفقود، لاسيما في ما يتعلق بتكاليف التشغيل والصيانة، مما يحد من الإنتاج ويسهم في زيادة أسعار الخبز.

وتقول الحكومة الحالية أن الدولة السورية كانت تدعم مادة الخبز، وهو عبئ كبير، وعند سقوط النظام السابق وجدت الخزينة السورية فارغة ومنهوبة مما شكل عبئا كبيرا جدا على كاهلها.

وتعمل وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك على زيادة عدد المخابز في جميع المحافظات ضمن ‏مواصفات قياسية ‏عالمية، من حيث المساحة والبناء والآلات ومستلزمات ‏صناعة الرغيف ‏للحصول على أفضل نوعية وجودة، وفقا لما ذكرته وكالة سانا قبل نحو شهرين.

وحذرت الأمم المتحدة الجمعة في تقرير هذا الأسبوع، من التهديدات الخطيرة للأمن الغذائي في سوريا، التي سببتها تداعيات الحرب على إنتاج القمح وتوريده وتوفير الخبز في البلاد.

وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في تقريره، إن سوريا تظل واحدة من أكثر الأزمات الإنسانية تعقيدا في العالم، مما يؤثر بشكل كبير على إنتاج وتوريد غذائها الأساسي، وهو الخبز.

وأضاف التقرير أن تداعيات الصراع أثرت على إنتاج القمح وطحنه وتوافر الخبز، مما يشكل تهديدا خطيرا للأمن الغذائي والرفاهة العامة للسكان، مشيرا إلى أن البنية التحتية الحيوية للأمن الغذائي بما في ذلك المخابز والمطاحن والصوامع عانت من أضرار جسيمة، كما انقطعت سلسلة التوريد، وارتفعت التكاليف، مع نقص المواد ما يشكل تحديات حادة.

ولفت التقرير إلى التحديات التشغيلية في إنتاج الخبز حيث أن معظم المخابز والصوامع والمطاحن التي تم تقييمها تعمل أو تعمل جزئيا.

وأشار إلى انخفاض غلة القمح حيث أفاد 58 بالمئة من مزارعي القمح في شمال غربي سوريا، بانخفاض الغلة في 2023-2024، وخاصة في ادلب وحماة. ويهدد هذا الانخفاض بتقليص توافر الخبز، ورفع الأسعار، وتفاقم انعدام الأمن الغذائي في شمال غربي سوريا على مدار العام المقبل، حيث قد يضطر العديد من المزارعين إلى خفض الزراعة أو وقف إنتاج القمح تماما.

وعلى مستوى إنتاج الخبز مقارنة باحتياجات السكان، أكد التقرير الأممي أن الإنتاج الإجمالي للمخابز التي تم تقييمها لا تفي باحتياجات السكان. وقد تم تسجيل أكبر فجوات الإنتاج في محافظتي حلب وإدلب.

ولفت أن الأمم المتحدة قامت بالتعاون مع جهات إنسانية أخرى بدعم سلسلة الإمداد من القمح إلى الخبز من خلال إعادة تأهيل البنية التحتية وتوفير المدخلات الأساسية لضمان توفر الخبز في شمال غربي سوريا.